الفصل التاسع عشر

489 37 0
                                    

الفصل التاسع عشر
قاطعها الجميع تقريبا بسبب ما جلبته من حزن لقلب هاشم، القريب من قلوبهم جميعا فكانت مثال للفتاة العاقة، كان والدها هو الوحيد الذي اتخذ جانبها منذ عاد من الخارج، حين جلس معها بعد عودته ليعلم منها سبب ما حدث
-اصدقيني القول عائشة ما سبب كل هذا؟
-صدقني ابي لم اقصد كل هذا انا لا اريد أن اظلمه معي
-اذا هل هناك أحدا اخر ام انه فقط هاشم
-لا ليس هناك أحدا اخر
-اذا لم طلب احمد خطبتك وأخبر جدك انك موافقة؟
زلزلت كلمات والدها كأنها، هي ظنت انه لن يجرؤ على فعل ذلك خاصة وقد أخبرته انها لن توافق
-هل فعل!
-نعم، وقد أصر ان يعرض جدك الأمر عليك
اغمضت عيناها بألم فقد اتخذ احمد موقفه المجحف منها وقرر ان يكمل الأمر لنهايته
-حسنا ابي سأتحدث معه لأرى سبب ما فعله

*************
عمل متواصل هو ما تفعله منذ وصولها لمكتبه وحتى عودتها للمنزل، لا تلتفت لاحد فقط الملفات التي توضع أمامها والاجتماعات التي تعقد حتى هو لا تفكر بمرة ان تذهب اليه كي تطمئن على حاله حتى اليوم حين استأذنها رائف ان تنهي مراجعة بعض العقود حيث انه شاهين يشعر ببعض التعب
-وهل غادر للمنزل؟
-لا، هو فقط تناول مسكن وسيريح نفسه قليلا قبل الاجتماع بعد ساعة
أومأت له علياء ثم عادت لمراجعة الأوراق أمامها لكنها لم تستطع فعل ذلك، قامت علي عجل واتجهت صوب مكتبه كي تطمئن عليه
على غير العادة كان المكتب مظلما بفعل الستائر التي اسدلت، دارت بعينها بالمكان حتى وجدته ممددا على الاريكة بأريحية ونفسه المنظم أعلمها انه نائم، اتجهت صوبه وجلست على الطاولة الموضوعة بالقرب من الاريكة تتطلع له، لم يسبق لها ونظرت له بتمعن هكذا وكم كان وسيما حقا، رغم حدة ملامحه الا انه لم ينقص منه شيئا، هادئ على غير عادته، عيناه الجريئة مغلقة، فمه الذي يخرج دائما ما يخجلها صامت الان
تعجبت من دقات قلبها التي تعالت وهي تنظر ناحيته فهذا الرجل هو زوجها
-زوجي!
نطقتها كأنها تجرب حروفها التي لم تعتاد عليها، شردت بعيدا فمتى فكرت يوما انها ستكون ملكا لاحدهم؟ كل ما كانت تفكر به هو أن تعمل وتؤسس كيان لها واسما كبير بعالم الأعمال لكنه كان بطريقتها مثالا احتذت به والان صارت هي الأخرى جزء من كيانه
شردت بعيدا فغفلت عن عيناه التي تتطلع إليها بحب، شعر بها منذ دخولها وحتى تعاملها به فتركها كي لا يحرجها لكنها حين نطقت بكلمة زوجي لم يستطع غير أن يفتح عيناه ويتطلع نحوها، لأول مرة يسعد قلبه بهذه الكلمة التي سمعها كثيرا لكنها هي من جعلت لها قيمة بنظره، تطلع لملامحها البريئة التي شردت بعيدا كأنها غارقة ببحر من الأفكار تمن ان تكون عنه، شفتيها التي نطقت حروف الكلمة جعلته يتمن ان يقبلها،
سيطرت الفكرة على عقله فلم يدر غير وهو يشدها نحوه ويجلسها بجواره وسط صدمتها، جرها اليه حتى صار وجهها مقابل له وشفتاه على بعد لا يذكر عنه فلفحت أنفاسه وجهها وهو يهمس
-زوجتي
انتفضت جسدها واغلقت عيناها كي تسيطر على مشاعرها التي اضطربت بفعل كلمته
لم يتحمل قربها هذا فحطت شفتاه على خاصتها يقبلها برقة دون قسوة، مشاعر خالصة دون شهوة لأول مرة يشعر بها، تسمرت مكانها لا تقو على فعل شيء، تلك اول مرة يحدث لها ذلك، اما هو فقد تاه بمشاعر العشق التي لم يسبق له ان شعر بها من قبل، كم أراد أن يدخلها بين اضلعه كي تشعر بنبض قلبه الذي يصرخ باسمها
ابتعد بعد لحظات رغما عنه حين شعر بصمتها الذي طال، رغم الضوء الخافت الذي يتسلل من الستائر فقد رأي وجهها جليلا عيناها المغلقة، وجنتيها اللتان اتقدتا نيران من الخجل وشفتاه المنفرجتين التي تحولت للون احمر بفعل قبلته
لم تقو على فتح عيناها حتى اتاها صوته القريب
-اذا ما ظللت على هذه الحال سأعتبرها دعوة لأكمل قبلتي
فتحت عيناها عن آخرها تطلع اليه بخجل وارتباك لدرجة ان الدموع قد تجمعت بعينيها
-لقد... جئت كي... اطمئن عليك
قرر ان يجاريها بتجاهلها للقبلة كي لا يحرجها
-اشكرك علياء
-لا داعي لذلك فهذا واجبي فأنت.....
توقفت بمنتصف جملتها فقربها منه يحثها على أن تكمل ما كانت ستقوله
-فأنا ماذا؟
عضت شفتها السفلية وحاولت ان تبتعد عنه لكنه ابي الا أن تبقى بجوا ه فهي اخيرا تجرأت وجاءت اليه وهو ما كان ليفلتها
-فأنت زوجي
قالتها واخفت وجهها بكفيها كي تداري خجلها منه فهي جريئة بكل شيء عدا هذا، فمتى كان لها علاقة بأحدهم لدرجة ان تسمح له بأن يقبلها، لولا اصرار شاهين الأكبر على عقد القران مع الخطبة لما سمحت له بما فعل
-حسنا زوجتي
قالها بهمس بجوار اذنيها واقترب من وجنتيها وقبلها قبل أن تفلت نفسها وتخرج مسرعة من المكتب وهي تلعن نفسها لذهابها اليه، فشاهين الهيثم ليس بالهين ابدا وهي لن تقو على صد هجماته تلك

رواية( بين مخالب الصقور ٢) / براثن الشاهين( للكاتبة / ايمان المغازى)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن