الفصل الحادي والعشرون

493 34 0
                                    

الفصل الحادي والعشرون

تحسنت صحة هاشم بالفعل لكنه لا يعلم ما سيفعله الان، لقد اتخذ جده القرار لكنه لم يناقشه به فكيف سيجعله يتزوج ابنة عمه وهي قد أخطأت مع غيره؟

طرقات على الباب تبعها دخول جده المهيب كعادته، جلس بجواره بعد أن طلب من الجميع الخروج وان لا يزعجهم احد
ما أن خرج الجميع استدار المحمدي ناحية هاشم وتحدث بنبرة جدية
-لقد علمت بكل ما حدث، وذهبت لذلك الندل لكنه غادر البلاد فور علمه بالأمر
سخر هاشم من المحب المزيف الذي نال جائزته وترك محبوبه وفر
-لم أليس هذا ما اراده لقد سلمته نفسه
-لقد اغتصبها
-ماذا
كادت عيناه تخرج من محاجرها حين سمع ما قاله جده
-كما قلت لك لذلك زفافك انت وعائشة سيكون ببداية الشهر القادم قبل زفاف بنات عمتك
-زواجي! هل ستزوجني اياها حقا!
-نعم هاشم ام تريد أن اترك لحمي للأغراب؟ هل تظن انني سأكافئ ابن خالها على ما فعله!
حاول أن يعترض فهو لن يطيق ذلك، لو كانت أخرى غيرها لفعل لكن كيف ستصبح زوجته بعد أن لوثت كيف سيطيق الأمر
-لا تقلق هاشم فهي لن يكون لها حقوق عليك وإذا ما أردت فيمكنك ان تطلقها وتتزوج غيرها وسأزوجها انا لآخر
لم يفهم هاشم ما قاله جده بالضبط لكن حيرته لم تطول فقد وضح جده ما بنفسه جيدا
-اسمعني هاشم زواجك من عائشة سيكون لعام حتى ننتهي من هذه المعضلة وبعدها سأطلقها منك فأنا لن اظلمها هي الأخرى كي اتركها معلقة فأنت لم تعد لك حاجة بها بعد الآن وبعدها سأزوجها فمن الذي لن يرغب بمصاهرتنا؟
تتزوج بآخر اذا هذا ما كان يخطط له جده ان يبعدها عما يشوه سمعتها وبعدها يحررها وهو سيكون صك هذه الحرية
-حسنا جدي موافق
-جيد سأخبر الجميع بما اتفقنا عليه بأن الزفاف بمطلع الشهر القادم

عادت من إحدى رحلتها السريعة المعتادة منذ زواجها، بحثت عن زوجها العتيد بجناحهما لكنها لم تجده فقد اختفى كعادته هذه الأيام مما اغضبها، تركت القصر واتجهت صوب قصر والدتها كي تريح اعصابها قليلا فهي لم تنل قسطا من الراحة منذ ايام بسبب تغيب زوجها وأموره الغير مستقرة
لم تكد تغادر بوابة القصر حتى سمعت صوت والدتها الغاضب وهي تعاتب خالها عن أمر ما فاتجهت ناحيتهم
-ان ما يفعله آدم خاطئ يا اكرم
-لا أعلم رقية فهو يشعر ان ذلك واجبه فهي حامل منه
-فليخبر زوجته فماهي لن تمررها اذا ما علمت انه سيتصرف بدون علمها
قاطعت حديثهم بدخولها الذي اربكهم فوالدتها متأكدة انها قد سمعت ما قيل
-ومن قال انني لا أعلم امي
قالتها ماهي بهدوء عكس ما تشعر به فهو لم يخبرها وهذا قد آلم قلبها فهو ما زال يعاملها بطريقة هي لا تحبذها
-حقا تعلمين ماهي
أومأت لوالدتها وقد رسمت ابتسامة زائفة على محياها قبل أن تستأذنهم لترتاح قليلا قبل عودتها للمطار فهي لديها رحلة طويلة نسبيا ستقوم بها
ظنت ان خدعتها انطلت عليهما لكن والدتها علمت ان ابنتها تكذب لتنقذ موقف زوجها
-ابنك سيوقع نفسه بمشكلة كبيرة معها اذا ما استمر على هذا الوضع
وافقها أكرم وهو يهز رأسه بعدم رضي من تصرفات ابنه المتهور
-معك حق فهو لا يعلك كيف تتعامل ماهي بحكمة فيما يخصه فليتحمل عقابها اذا
-عقابها!
-نعم، فمتى سافرت ماهي برحلتين متتاليتين منذ زواجها؟
هو محق فمنذ زواج ابنتها وهي لا تسافر اكثر من رحلة كل يومين كي لا تغيب عن المنزل كثيرا تخلت عن الرحلات الطويلة وتنازلت عن تحقيق المعدل الذي اعدته لنفسها
بعد أن ذهبن الفتيات لمدرستهن جلستا الاثنين يحتسيان القهوة معا، انتظرت هالة ان تبدأ تاليا بالحديث اولا وهو ما كان
-لقد اعتدت على ذلك، اعتدت ان اصل لما اريد دون مراعاة غيري
وصفت تاليا حالها كأنها تصف هالة هي الأخرى فكم كانت تشبهها كثيرا، كانت طموحة لدرجة كبيرة حت انها لم تلتفت لاحد فجل همها كان أن تصل لهدفها وإن دهست الجميع بطريقها
اكملت تاليا حديثها بشرود كأنها تسترجع ماضيها
-لقد رأيت والدي ينس كل ما فعلته والدتي لأجله واهتم فقط بزوجته التي أنجبت الولد، عشت سنوات عمري اخذ ما تطاله يداي دون النظر لاحد حتى شقيقتي فكم حسدتها على ما حباها الله به
تعجبت هالة من كلمات تاليا التي قصت عليها ما لم تكن تعلمه عن زوجها، في لم تعلم انه مراع لهذه الدرجة
-حتى تحدثتي معي هالة قد تتعجبين لم استمعت لك
-لا لم أفعل، اتعلمين لما؟ لأنني كنت مثلك ولو وجدت من يوجهني لما وصلت لما انا عليه
-لا أفهم
-لقد دمرت بطريقي الكثير تاليا، كنت قوية او هكذا اعتقدت حتى تحطمت شراع مركبي وغرقت وتعلمين ما انقذني؟ الشيء الوحيد الذي تركته خلفي، العائلة حين تركت رائد راكضة خلف ما كنت أريده تركت ما احتاجه حقا
ربت هالة على ذراع تاليا واردفت حديثها
-وانت تاليا كنت تمشين طريقي أيضا لذلك وقفت بطريقك لأنصحك
-وماذا كنت ستفعلين اذا ما ضربت بحديثك عرض الحائط؟
ضحكت هالة وهي تهددها بنبرة جدية زائفة
-كنت سأستعيد روح المحارب لدي واحيل حياتك جحيما كي لا تأخذي بناتي مني
-الهذه الدرجة تحبينهن؟
-وأكثر تاليا هن حياتي القادمة
-وأكمل؟
-ماذا عنه؟
-لقد ذكرت الفتيات وليس أكمل اكنت ستحاربين لأجل الفتيات فقط انا حقا لا أفهمك
-الموضوع بسيط جدا تاليا فأنا لم أعلم أن ما احتاجه هو عائلة وأساس العائلة هنا هن الفتيات وهو ما تحتاجينه تاليا ابحثي عما تحتاجينه لا ما تريدينه
انتهي حديث الفتيات وحل الصمت مرة أخرى وكلا منهن سارحة بواد غير الأخرى

عاد لقصره اخيرا بعد أن انهي زيارته المعتادة لسالي التي أصبحت متطلبة كثيرا عن ذي قبل؛ فهي تريده ان يكون معها دائما لمتابعة حملها، لاختيار ثياب الطفل لشراء السرير الخاص به
لم يوقف سيل الطلبات هذه صديقها مايكل الذي كان عونا له بمواقف عدة حين كان يستنجد به ليشغلها عنه، أما زوجته التي اخفي عنها الأمر كي لا يحزنها فكم يخشى ان تعرف بما يدور خلف ظهرها
وصل غرفته وقد تذكر انها يجب أن تكون قد وصلت منذ اكثر من أربع ساعات، لعن بداخله والتقط هاتفه ليتصل عليها فقد انشغل تماما بدعوى سالي الزائفة بوجود خطب ما بالحنين مما كلفه زيارة لطبيبها الخاص الذي أخرهم لثلاث ساعات كاملة
حاول الاتصال بزوجته لكنها لم تجيب اتصاله المتكرر حتى وصله رسالة منها
(لقد سافرت برحلة لمدة ثلاث ايام لنا حديث حين أعود)
-ماذا!
نزل للطابق السفلى حتى وجد والده يجلس بمكتبه مستغرقا بقراءة كتاب ما
-هل رأيت ماهي قبل أن تغادر؟
اجابه والده دون أن يرفع بصره عن الكتاب الذي بيده

-نعم، لقد أتت لقصر والدتها قبل أن تغادر
-ومتى غادرت؟
-منذ نصف ساعة تقريبا
-ماذا؟ لماذا لم تنتظرني
-ربما لأنك لم تخبرها أين كنت
-بربك ابي ماذا سأخبرها كنت اعتني بصديقتي السابقة وابني

اجابه والده بلا مبالاة
-ربما، فهذا افضل من أن تعمل بهذه الطريقة
جحظت عيناه حين سمع ما قاله والده لقد علمت بأمر زيارته لسالي!
-هل علمت ماهي؟
-لم تظنها سافرت برحلة دولية تستغرق ثلاث ايام!
خلخل اصابعه بخصلات شعره يشهدها للخلف بحنق فقد علم انها لن تمررها له خاصة وانها بدأت بعقابه الآن ولم تنتظر لتناقشه بالأمر

انهت عملها اخيرا وخرجت من مكتبها قاصدة المصعد فأوقفها نداء احداهن لها
-سيدة علياء
استدارت لها فوجدت سيدة تكبرها ببضع سنوات ترتدي ملابس رغم فخامته الا انها لم تنل إعجاب علياء فهي تفصل جسد السيدة تماما وعطرها الجذاب قد آثار حفيظة علياء التي تبعد عنها بضع أمتار وقد وصلها رائحته
اقترب السيدة بدلال مبالغ اسقم علياء التي لا تعلم لم اوقفها هذه السيدة من الأساس فيبدو انها ليست من فريق العمل بالمجموعة!
-كيف اخدمك
نظرت لها السيدة من اخمص قدمها لراسها بنظرات فاحصة لم تخلو من الاستخفاف
-اذا انت خطيبة شاهين، يبدو أنه اختارك كإحدى صفقاته
-عفوا!
-كما سمعتني فأنا اعلم ذوق شاهين جيدا بالنساء وانت تخالفين كثيرا هذه الصورة
-وهل انت على دراية بما يحبه شاهين لهذه الدرجة؟
-نعم، فأنا قريبة منه أكثر مما تتخيلي
*******
يتبع.....

رواية( بين مخالب الصقور ٢) / براثن الشاهين( للكاتبة / ايمان المغازى)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن