6/ غـُرَابٌ أَسْـوَدْ 🥀 :

224 26 7
                                    

♡ لا شيء يأتي كما نتمنى...
لكن نحن على ثقة..
بأن الله يخبأ لنا الأفضل...









꧁꧂









انتقلت زهرة من عالمها الهادئ المفعم بالسكينة والتأمل، إلى شوارع المدينة الصاخبة، متجهة نحو منزلها.

كانت تسير وحيدة، تغمرها أفكار عميقة وتساؤلات عن الحياة والقدر.

فجأة، قطع حبل أفكارها صوت ضحكات مدوية وهمهمات ساخرة، فالتفتت لتجد ليلى وأصدقاءها يقتربون منها بنظرات تنم عن الاستهزاء والتعالي.

رمقت ليلى زهرة من رأسها حتى أخمص قدميها، وعيناها تتوقفان عند حجابها الأسود الشرعي.

ثم انفجرت ضاحكة بصوت عالٍ وهي تصيح:

"يا إلهي! إنها حقاً تشبه الغراب الأسود، هههه!"

استمرت ليلى في الاستهزاء ض، وكلماتها تنهال كالسهام الجارحة:

"موضة آخر زمن... متخلفة هههه... لو وضعناها وسط الظلام، فلن نستطيع رؤيتها! أنا حقاً أشفق على الفتيات اللواتي يرتدين هذه الملابس البشعة والرخيصة. لو أصبحت فقيرة ومتسولة، فلن أرتدي هذا الزي المقرف أبداً في حياتي، فوالدي لن يهدر ماله على أشياء كهذه!"

وقفت زهرة صامتة، تستمع إلى تلك الكلمات الجارحة بقلب مفعم بالشفقة على حال ليلى.

كانت تدرك أن سلوكها ينم عن فراغ روحي وبعد عن الهداية.

فأغمضت عينيها للحظة، وراحت تردد بصمت داخل قلبها:

"اللهم أبعد عنها الشيطان، واهدها إلى طريقك قبل فوات الأوان."

كانت زهرة تؤمن بقوة الدعاء وصدق النية، وتأمل أن يلمس نور الحق قلب ليلى يوماً ما.

بعد تلك المواجهة، قررت ليلى العودة إلى منزلها، لكن المشهد الذي استقبلها كان مفاجئاً ومربكاً.

وجدت حشوداً من الناس تتجمهر أمام بيتها، فتسارعت دقات قلبها وانتابها شعور غريب بالقلق والخوف.

اندفعت ليلى تشق طريقها وسط الزحام، وذكريات مؤلمة من ماضيها تتداعى أمام ناظريها، فقد عاشت موقفاً مشابهاً عند وفاة والدتها الحقيقية إثر حادث سيارة مروع وهي لا تزال في المرحلة الإعدادية.

وصلت ليلى إلى باب المنزل وهي تصرخ بصوت يائس:

"ماذا هناك؟ ما الذي يحصل داخل منزلي؟ أخبروني.. أين أبي؟ أين هو الآن؟"

تقدمت إليها إحدى الجارات، والدموع تملأ عينيها، فسألتها ليلى بقلق:

"ماذا هناك؟ تكلمي!"

فأجابت الجارة بصوت متحشرج:

"لقد مات والدك، فليرحمه الله."

صُعقت ليلى بهول الخبر، ورفضت تصديقه: "ماذا؟! والدي... أنتِ تمزحين، أليس كذلك؟"

لكن الجارة أكدت لها الحقيقة المفجعة:

"آسفة يا عزيزتي، إنه الآن في ذمة الله."

فصرخت ليلى بانهيار: "لا... لا... لا..."

وهكذا، تحطمت حياة ليلى في لحظة، وانقلب عالمها رأساً على عقب. ذابت كل مظاهر التعالي والغرور، وتبخرت أوهام الثراء والترف، لتجد نفسها وحيدة في مواجهة حقيقة الموت والفقد. في تلك اللحظة العصيبة، لم يكن لديها سوى دموعها الحارقة، وصرخات الألم التي تعتصر قلبها المكلوم.









♡ تذكير: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.

الصباح المشرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن