8/ بـِلـَا رَحْـمَـة 2 ☘️:

217 28 4
                                    

‏"كانت تظن أمي دائما أنني لا أتأثر مثل بقية إخوتي والأقسى قلبا وأقلهم إحساسا، هكذا كانت تظن أمي بي، لا لشيء إلا أني كنت أريد أن أكون كتوم فحسب ،ربما لو أدركتي يا أمي أيامي هذه لكنتِِ تدركين أنني أضعفهم جميعا وأحوجهم للشكوى والأستناد ولكنني لا اريد أن أكشف عورة حزني لإي احد مرة اخرى."






꧁꧂












قالت ليلى بنبرة مصطنعة:

"آه حسناً، لقد أنهيتِ خطبتك. على فكرة، كلامك أثر فيّ كثيراً وجعلني أتدارك غلطتي. معك حق مئة بالمئة. هيا عمر، أعد لها القطة."

أجاب عمر بخبث:

"بالتأكيد، سأفعل."

ثم أمسك القطة فجأة بقوة وكسر عنقها.

صرخت القطة صرخة مدوية قبل أن يرميها عمر على الأرض عند قدمي زهرة.

ماتت القطة أمام عينيها اللتين امتلأتا بالدموع وانهمرت على وجنتيها.

في المقابل، انفجر ليلى وأصدقاؤها ضاحكين بصخب واستهزاء.

التقطت زهرة جثة القطة برفق وغادرت المكان بخطى ثقيلة.

وصل رفيق متأخراً إلى الموقع، ووجد زهرة تغادر حزينة تحمل القطة الميتة بين ذراعيها.

سألهم باستغراب:

"ماذا حدث هنا؟ ماذا فعلتم بهذه الفتاة؟"

أجابت ليلى ببرود:

"عزيزي رفيق، لقد فاتك الكثير، هههه. انظر، لقد قتلنا قطة ذلك الغراب الأسود."

وأضاف عمر:

"لماذا تأخرت هكذا؟ لقد كان موقفاً رائعاً. أنا أعلم أنك تحب أشياء كهذه."

تابعت ليلى:

"نعم، لقد نسينا أمرك تماماً. يا ليتنا انتظرنا قدومك. لا بأس رفيق، لا تغضب، في المرة القادمة سننتظرك."

رد رفيق بغضب:

"ماذا؟ ولماذا فعلتم شيئاً كهذا؟"

قهقه أيمن:

"للاستمتاع فقط، هههه يا رفيق."

هز رفيق رأسه باشمئزاز:

"إن أمركم غريب حقاً، أنتم مجانين. عندما تصحصحون سأبقى بصحبتكم."

سألت ليلى بفضول:

"إلى أين ستذهب؟"

رد رفيق بحدة:

"لا شأن لكِ بذلك." وغادر المكان.

تساءل عمر:

"ما به؟"

أجابت ليلى بلا مبالاة:

"لا أدري."

***

كانت يدا زهرة ترتجفان ودماء القطة بين أصابعها.

انهمرت الدموع بغزارة من عينيها، وتحطم قلبها إلى أجزاء.

سارت ببطء في ممر خالٍ، ورآها رفيق من بعيد وهي تبكي بمرارة.

غادرت زهرة الجامعة وتوجهت إلى حديقة فارغة قريبة.

جلست هناك ووضعت القطة جانباً، وبدأت تحفر حفرة صغيرة في الأرض لتدفن فيها القطة بعد أن لفتها بقطعة قماش.

تابع رفيق من بعيد، دفعه الفضول لمراقبتها.

وضعت زهرة القطة برفق في القبر الصغير وغطتها بالتراب، والدموع لا تتوقف عن الانهمار من عينيها.

همست  بألم:

"آسفة حبيبتي، أنا آسفة جداً. أتمنى أن يسامحني الله، فما حصل لكِ كان بسببي. لو أنني أحضرتك إلى منزلي لما حدث كل هذا. أنا أحببتك بصدق، فليرحمك الله، آمين يا رب العالمين."

وفجأة، بدأت الأمطار تنهمر بغزارة بعد أن كانت تتساقط ببطء، وابتلت عباءتها بالكامل.

عادت إلى منزلها مبللة وحزينة. اندهشت أمها من حالتها السيئة، فذهبت زهرة مباشرة إلى غرفتها.

سألتها أمها بقلق:

"ابنتي الغالية، ما الذي يبكيكِ يا حبيبة قلب أمها؟ لم أركِ هكذا من قبل. خيراً إن شاء الله."

أجابت  بصوت متقطع وهي تكافح دموعها:

"أمي، لقد ماتت قطتي ميادة في موقف مأساوي. أسأل الله أن يسامحني."

ردت الأم بتعاطف:

"فليرحمها الله، كلنا سنموت يا حبيبتي. إنا لله وإنا إليه راجعون. إنها الآن في رحمة الله، لا تلومي نفسك."

قالت  وهي تمسح دموعها:

"يا أمي، لقد تم قتلها أمامي من قبل مجموعة من الشباب لا يخافون الله."

صرخت الأم:

"يا إلهي، الله يمهل ولا يهمل. يا عزيزتي، إن الله لا يغفل عنه شيء. لقد زين الشيطان أفعالهم، فمكائد الشيطان لا حل لها سوى التوبة والرجوع إلى الله. فليرحمها الله، وليهدي جميع من غفل عن رحمته سبحانه وتعالى."

نظرت إلى أمها بعيون دامعة:

"يا لها من مسكينة، لقد قطعت قلبي يا أمي."

احتضنت الأم ابنتها بحنان وقالت:

"يا عزيزتي، لا تبكي. لا بأس، فكلنا سنموت في النهاية."









♡ تذكير: "إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"

الصباح المشرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن