4/ نِـعْـمَـة (الجزء الأول) :

193 22 4
                                    

"لا أريد أيام رائعة أريدها عادية ,عادية جدًا مليئة بالسلام "


꧁꧂

في تلك اللحظة المفعمة بالألم والندم، شعر رفيق وكأن سكينًا حادًا اخترق صميم قلبه النابض.

غمرته موجة من الخجل والعار من أفعاله الماضية، فغادر المكان بخطى ثقيلة وملامح اليأس تكسو وجهه الشاحب.

اشتد ظلام تلك الليلة الحالكة، وتسللت برودة قارسة إلى عظام رفيق وهو يسير في ذلك الطريق المجهول، يحمل حقيبته بيديه المرتعشتين. استمر في المشي دون توقف، حتى أنهكه التعب فقرر الاستراحة تحت إحدى الأشجار الوارفة على جانب الطريق.

كانت تلك الليلة صامتة إلى حد غريب، مما جعل رفيق يغوص في بحر من الأفكار والتأملات. وفجأة، اخترق صوت صراخ فتاة الصمت الرهيب، فهب رفيق مسرعًا نحو مصدر الصوت ليستطلع الأمر.

وصل رفيق إلى المكان، فإذا به يرى رجلين يحاولان التحرش بفتاة مراهقة تصرخ مستنجدة بالمارة.

كانت تحمل سلة صغيرة مليئة بالخبز المنزلي، فاندهش رفيق لهول المشهد. التقت عيناه بعيني الفتاة المذعورة، وهي توسله طالبة النجدة.

الفتاة: (بصوت يائس) أخي... أرجوك ساعدني... ساعدني لوجه الله.

رفيق: (بحيرة) ما الذي يحدث هنا؟

الرجل الأول: (بنبرة تهديد) ماذا تريد؟ اعتبر نفسك أنك لم ترَ شيئًا وغادر المكان، وإلا سأندمك على حشر أنفك هذا... وأنتِ تعالي معنا، وإلا سنستعمل القوة معك.

الفتاة: (بتوسل) أرجوكما دعاني... أخواي ينتظراني، أرجوكما... أخي، أرجوك ساعدني...
رفيق: (بحزم) اسمعا... دعا الفتاة وشأنها. ما هذه التصرفات غير الأخلاقية؟ ألستما من عباد الرحمن؟ من الأحسن أن تتركاها.

الرجل الثاني: (بسخرية) انظر من يتحدث... غادر هيا، غادر وكفانا كلامًا، أنت تعطل عملنا.
رفيق: (بإصرار) لن أغادر.. لن أسمح لكما بأخذها.

نظر الرجلان إلى رفيق بغضب متأجج، وأسرع الرجل الأول بإخراج سكين من جيبه موجهًا إياه نحو رفيق، الذي شعر بتوتر شديد يسري في جسده.

رفيق: (بحذر) ما هذا يا رجل... ضع السكين جانبًا.

الرجل: (بحقد) لن أضعه... من يلعب بالنار تحرقه... وأنت فعلت ذلك... سأقتلك وأرتاح منك أيها الغبي مسبب المشاكل... كنت سأدعك تفلت لو أنك غادرت بهدوء، لكنك لم تفعل. سأريك.

وفي لحظة غفلة، استغلت الفتاة الشابة الفرصة وفرت مسرعة. فلمحها الرجلان تهرب، فتركا رفيق وانطلقا في اتجاهها.

رفيق: (بعزم) لن أدعهما يمسكان بها.

وانطلق رفيق خلفهما بكل ما أوتي من قوة، عازمًا على إنقاذ الفتاة مهما كلفه الأمر.

الصباح المشرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن