4/ أَحْـلَـامْ 🌬:

211 28 9
                                    

‏"يالله أرجوك فليحدث شيئًا واحدًا مُبهر يعكس كل هذا الإنطفاء الذي يحصل الآن".





꧁꧂






استيقظ رفيق من نومه في ذلك الليل الحالك، والرعب يسيطر على أنفاسه المضطربة. صاح بصوت يائس يتردد في أرجاء الغرفة الصامتة:

"من هي صاحبة ذلك الحجاب؟ لماذا لم أستطع رؤية وجهها؟ وما معنى تلك الكلمات التي ظلت ترددها: لا يزال الصباح مشرقاً؟"

حدَّق رفيق في عقارب الساعة التي أشارت إلى الواحدة بعد منتصف الليل، وهو غارق في حيرته، متمتماً:

"لأول مرة في حياتي، أواجه حلماً غريباً كهذا ."

منذ تلك الليلة المشؤومة، أصبح ذلك الحلم الغامض يتكرر في أغلب لياليه، كشبح عنيد يأبى الرحيل.

استغرب رفيق من نفسه ومن هذا الحلم السرمدي الذي بات يسيطر على عقله.

حاول جاهداً تجنب النوم، هرباً من وجع ذلك الحلم المزعج الذي ينغص عليه صفو حياته.

وفي أحد الأيام، عندما خرج رفيق من منزله، صادف مجموعة من الفتيات المحجبات.

فجأة، اندفعت ذكريات الحلم إلى مخيلته كسيل جارف. بدأ يتوهم أن المحجبات يكلمنه في آن واحد، يرددن نفس العبارة مراراً وتكراراً. شعر رفيق بتوتر شديد، فوضع يديه على أذنيه في محاولة يائسة لحجب تلك الأصوات الوهمية، وهو يهمس لنفسه:

"توقفن... أرجوكن، اتركنني وشأني!" غادر المكان مسرعاً كمن يفر من شبح مرعب، تاركاً وراءه الجميع في حيرة من تصرفه الغريب وغير المفهوم.

لجأ رفيق إلى الجامعة باحثاً عن ملاذ بين أصدقائه، عسى أن ينسى ولو قليلاً ما يسميه "بالمعاناة والهلوسات".

التقى بصديقه عمر الذي بدأ يثرثر بحماس:

"هههه... رفيق، أرأيت آخر أغنية للمغني الراب الذي تحبه؟ إنها حقاً أغنية رائعة... عندما سمعتها جعلتني أشعر بالحماس، ههه!"

لكن رفيق كان شارداً، غارقاً في أفكاره، فدفعه عمر قائلاً:

"هاي... يا نمرود... أين ذهب تفكيرك؟"

قاطعت ليلى بنبرة ساخرة:

"عرفت السبب... لعل هناك فتاة جديدة قد اقتحمت عقله."

رد رفيق بصوت متعثر:

"لا... لا، الأمر ليس كذلك... أنا مشوش فقط هذه الأيام."

تدخل أيمن مستفسراً:

"مشوش؟!"

أجاب رفيق بحيرة:

"أجل... لا أدري ما الذي يحصل لي."

فجأة، همس أيمن في أذن رفيق بلهجة مغرية:

"انظر يا صاح... هناك سلعة جديدة من المخدرات سأحضرها الليلة من شخص أعرفه، فهو مشهور في شرق آسيا بسلعه الجيدة. صدقني، إن جربتها ستشعر بحالة رائعة، وسيزول كل تشويشك. ما رأيك؟"

وافق رفيق بإذعان:

"حسناً، سأفعل."

ليلى، بنبرة حادة ومتسلطة:

"بماذا تتهامسان؟! بأمر تلك الفتاة؟"

رد أيمن ضاحكاً:

"هههه لا... نحن نتهامس عليكِ. أنا ورفيق نظنك تزدادين جمالاً كل يوم."

سألت ليلى بغرور:

"حقاً، رفيق؟"

أجاب رفيق بلا مبالاة:

"أجل..."

واصلت ليلى حديثها بلهجة تهديد مازحة:

"أعلم ذلك دون أن تخبرني... فأنا ملكة الجمال هنا، والكل يعلم أنك ملك لي وحدي. وأي فتاة تقترب منك سأذبحها وأرمي جثتها للكلاب، هههه!"

رد رفيق بشرود:

"حقاً..."

تابعت ليلى بمكر:

"أجل... تذكرت أن الأسبوع القادم هناك حدثاً مهماً بالنسبة لي، هل تتذكره؟ إن تذكرته، فهذا يعني أنك مهتم بي، وإن لم تعرف، فهذا يعني وجود فتاة أخرى في حياتك."

صمت رفيق للحظة، يفكر بصعوبة:

"حدث... أي حدث؟ ماذا سيكون غير عيد ميلادها؟"

ليلى بنفاد صبر:

"ها... أنا أنتظر..."

أجاب رفيق بتردد:

"اممم... عيد ميلادك؟"

صاحت ليلى بسخرية:

"أوه! كنت أعلم أن هناك فتاة أخرى، من هي؟ أخبرني!"

دافع رفيق عن نفسه:

"لا... لا... الأمر ليس كذلك."

ضحكت ليلى:

"كنت أمزح، هههه. إنه عيد ميلادي، والجميع مدعوون لحفلة على حسابي."

فرح الجميع بالخبر، إلا رفيق الذي ظل غارقاً في صمته وعالمه الداخلي المظلم، وهو يتساءل بقلق إن كان الهروب إلى المخدرات سيخلصه من عذابه النفسي، أم سيجر عليه مزيداً من الضياع والألم. تساؤلات حائرة ظلت تنتظر الإجابة، بينما واصل خوض معركته الباطنية وحيداً، في مواجهة ذلك الحلم الذي صار لغزاً يستعصي على الفهم.












تذكير: بالدعاء اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ♡

الصباح المشرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن