في مساء ذلك اليوم..بعد أن تناولت وتين حساء دافئا و أخذت قيلولة قصيرة..شعرت بكثير من التحسن في صحتها البدنية..فقررت فتح المحل من جديد..بدل البقاء في غرفتها طيلة اليوم..تتجرع الألم النفسي قطرة بقطرة..و تسترجع في ذاكرتها جميع اللحظات التي أمضتها مع إيف..متحسرة مكتئبة..و لم يكن قرار مواصلة حياتها بشكل طبيعي من أجلها فقط..بل من اجل كوني أيضا..الذي من الواضح أنه قد مل من البيت و من الجو الجنائزي الكئيب الذي يحيط به..كان على وتين الإحتفاظ بما يضرها في داخلها و بين أضلعها فقط حتى لا تؤذي به من حولها..و حفاظا على سلامة الصغير كوني..و حتى لا يقلق عليها صديقاها المقربان أكثر من هذا.
أخذت حماما سريعا و إرتدت ثيابها كالمعتاد..و نزلت لمحلها..بدأت أولا بالتنظيف و الترتيب و ثم أغلقت النوافذ التي كانت مفتوحة جزئيا..شغلت جهاز تنقية الهواء..قلبت اللافتة المعلقة على الباب إلى "مفتوح"..و ثم بدأت تجهز القهوة.
بمجرد فعلها لذلك..لم يعد كوني يتحرك بإضطراب في الأرجاء أو يبقى صامتا تماما..بل أخذ يشاغب..يرمي بكلمات عشوائية..يقلد الأصوات و يصفر..يلعب و يتناول طعامه..ما أزاح بعضا من الثقل عن كاهل وتين التي كانت قلقة و خائفة..من أن تكون سببا في إصابته بإكتئاب.
بعد ساعة من ذلك..حوالي الساعة السادسة مساءً..رن جرس الباب..و دخلت بعد تلك الرنة الهادئة إيميا..مبتسمة..تعانق باقة ورود و تحمل كيسا ما..كانت قد أسدلت شعرها الطويل..و زينت ملامحها البرونزية بمكياج قاتم..لقد كانت غالبا ما تحب الألوان الزاهية..لذا بدت في الأسود مثيرة جدا و شديدة الجمال.
"مرحبا وتين"
تقوم لها وتين و تصافحها "مرحبا بك..تفضلي بالجلوس"
تضع الأغراض على المكتب و ثم تجلس "ربما هذا وقت غير مناسب للزيارة و لكنني أردت الإطمئنان عليك"
"يمكنك القدوم في أي وقت يا إيميا..شكرا على هاته الورود الجميلة"
"لقد قالت لورين أنك متعبة جدا..ربما ما كان يجب عليك فتح المحل..إستغربت عندما وجدته مفتوحا"
" شعرت بتحسن لذا..فكرت في أن العمل بالمحل سيساعدني على التحسن"
"ألن تأتي إيف للإعتناء بك!؟"
صمتت وتين قليلا و ثم قالت "أتريدين بعضا من القهوة؟"
"طبعا سيسعدني ذلك"
"و ايضا تنبعث رائحة شهية من هذا الكيس..هل هي يخنة دجاج؟"
"قالت لورين أنها المفضلة لديك..لذا طهوت بعضا منها عند عودتي من العيادة..أعلم أنك ما تزالين متعبة و ربما لستي في المزاج الجيد للطبخ"
"صحيح و لكنني أتحسن لا داعي للقلق" تبدأ وتين في تجهيز القهوة مجددا.
بينما تخرج إيميا هاتفها لمراسلة لورين "لورين..هل تخفين عني شيئا؟"