{
المرء لا يدري
ماذا سيكُون الغَد
لكنّه يسعى
خلال يومه
ليكون غدهُ أفضل
}/ / /
انتصف الليل، بلغت السيّارة الطريق المؤدّية إلى أغوار الغابات عند سفح الجبال المُطلّة على المدينة. ظلّ الجميع صامتين يستمعون لبثّ الراديو الذي يقوم به شخصٌ مجهولٌ و بشكل يدويّ في بُقعةٍ ما من المدينة، مستخدمًا على ما يبدو أداةً للبثّ صنعها بنفسه بعد تعطّل المحطّات بسبب انقطاع الكهرباء، و قد كان بثُّه كلّه مُنصبًّا على الأحداث الحامية في أحياء المدينة. ارتفع عدد الضحايا. الوحوش كانت تهاجم كل شيء يتحرّك، و قوّات الأمن تواجه وقتًا عصيبًا في السيطرة على الوضع و الخروج بأقل الخسائر في الأرواح خاصةً قبل الممتلكات. تمّ اجلاء عدد كبير من الناس إلى ملاجئ الحروب داخل سراديب أسفل المدينة، و بسبب الوضع الطارئ، كان هناك نقصٌ في إمداد المواد الغذائية داخل هذه الملاجئ فهي لم يتم تجهيزها كما ينبغي بعد. لكن لعلّها ستحفظ النّاس لبضع أيَّامٍ من الموت العبثيّ الذي يطاردهم في أزقّة المدينة.
أطفأ الاستاذ الراديُو عندما ارتفعوا للأعلى في الطريق الجبلية فعمَّ الهدوء داخل المركبة و الذي كسرهُ هو بعد دقائق بقوله: "هذا الوضع كانَ متوقّعًا، و لكن عند فئة قليلة من الناس. و منهم مَن ستُقابلونهم حينما نصِل لوجهتنا."
استغل كِين الفرصة: "لم تُخبرنا بعد، ماذا كنت تعني بقول أن يُوكي ستكون معنا؟ و ايضًا ما الشأن العظيم الذي من أجله جمعتنا في هذه الرحلة؟"
"كلّ ذلك سيتّضح لاحقًا، لا تستعجلوا الإجابات. أُدرك أنّ الأمر مزعج لبعضكم و مُربك للآخر. فقط تحلّوا ببعض الصبر. ستنجلي الأمور في الوقت الملائم لذلك."
زفرَ كِين ممتعضًا تعبيرًا عن عدم رِضاه.
بعد لحظات من السكوت، فتح كُوتآرُو عينيه و أخذ يتلفّت من حوله متفحِّصًا كل رُكن. ثمّ ركّز نظره في الأستاذ و أمره "أوقف السيّارة!"
لكن الأستاذ لم يستجِب، بل بادر بسؤاله: "لِمَ؟"
أشاح كُوتآرُو عينيه و ألقى نظرة خارج زجاج النافذة الجانبية و صح: "قلت لك أوقف السيّارة!"
فأوقفها الأستاذ خلال ثوانٍ و بسرعةٍ فاجأت بقيّة الرّكاب.
ترجّل كُوتآرو مُسرعًا تاركًا الباب مفتوحًا و استند إلى شجرةٍ قريبة و بدى و كأنّهُ سيتقيّأ، إلّا أنه لم يخرج شيءٌ من جوفه. خرج الأستاذ من السيّارة و اقترب من كُوتآرُو سائلًا إيّاه: "هل أنت بخير؟"
بعد أن أخذ لحظةً ليهدأ، استدار كُوتآرُو و وَاجَهَ الأستاذ: "إلى أين تأخذنا؟"
"إلى مكانٍ آمن."
"مَن طلب منك ذلك؟"
تعجَّب الأستاذ من جُرأة كُوتآرُو المباغتة و صرامة موقفه رغم ما يعانيه، و أدرك أنه ليس شخصًا يُستهان به و لا ينصاع لغيرِه بسهولة، و قد لا يقتنع بكل ما يُقال له، فحاول تليينهُ مُجيبًا بنبرةٍ هادئة: "لم يطلب منّي احد فعل ذلك. و أعتذر لو أنّ هذا قد ضايقك. لكنّك ستُدرك لاحقًا السبب الحقيقيّ فيما فعلته."
"لماذا ليس الآن؟ مالّذي تُخفيه؟ إنّك دومًا تعرف أكثر من الذي تنطِق به!"
ثمّ التَفتَ كُوتآرُو إلى جانبهِ كأنه سمع صوتًا ينادي، في حين أخذ الأستاذ يراقبه ليُحلّل وضعه و يحاول الوصول إلى أرضٍ وسط بينهما. بقي الآخرون يستمعون للحديث من داخل السيّارة و كلّ منهم ينظر في الأمر و يُفسّره بطريقته.
ثمّ رفع كُوتآرُو رأسهُ للسماء الدّاكنة متمتمًا: "لماذا هذا الثلج في الصيف؟"
استغرب الأستاذ قوله و استفهمَ منه: "ليس هناك ثلج كُوتآرُو؟"
حملق كُوتآرُو في الأستاذ بطريقةٍ أرعبت الأستاذ نفسه و قال: "المكان بأكمله أبيض.." ثمّ سكت والتفتَ إلى يمينه مجددًا قائلًا: "إنّها تُنادي."
علم الأستاذ حينها أن كُوتآرُو يرى و يسمع مشاهدَ و أصواتًا ليست مرئية و مسموعة لهم، أو ربّما كان هناك مَن قامَ بالتّأثير عليه بهذه الطريقة، فأراد أن يُسيطِر على الفتى حتى لا يُؤخذ منهم: "كُوتآرُو، لا تستمع لأحدٍ آخر الآن. يجب أن تأتي معي. ليس هناك مكان آمن إلّا حيث سنـ.."
لكن كُوتآرُو لم يتركهُ يُكمل بل مضى جريًّا في الاتجاه الآخر داخلًا الغابة المليئة بالشجيرات و اختفى عن الأنظار.
صاح الاستاذ: "اللعنة!" و استدار للباقين المدهوشين داخل السيارة و امرهم بعدم مغادرة المكان لأنهم قد يتوهون هنا. ثمّ استلّ مسدّسًا كان قد أخفاه أسفل قميصه وركض خلف كُوتآرُو.
ترجّل رينزُو و تبعه كِين لكن لحيرتهما مما حدث لم يتحرّكا من مكانهما و بقيا يترقّبان في أُهبة لأيٍّ شيءٍ قد يحدث.
أنت تقرأ
صائِد مصّاصِي الدّماء، دَانتِيَآس | DANTIAS-THE VAMPIRE HUNTER
Vampireهنا نبدأ مَن هو دانتيَآس؟ و ما قصّتهُ؟ هل حكايتهُ تستحقّ أن تُقرأ؟ . . . مَن لا يُحب الخيال و قصص الخوارق لا يدخُل.