21

13 1 0
                                    


{
ننجرف في الأيّام
حتى لو غشانا الألم
ما دُمنا أحياءً
سنواصِل المَسِير
}

/ / /

بعد انتهاء الطّبيب من العناية بالرجل العجوز، و الذي اتّضح انه تعرض لتسمّم، طمأن الشّبان الذين هُم أحفادُ الرجل، بأنه سيكون بحالٍ أفضل خلال حوالَيّ الساعة و سيستطيع العودة للقرية و لكن يجب بعدها أن يأخذ فترة راحةٍ حتى يتعافى تمامًا. فجلس اثنان منهما ينتظران أحدهما بجانب العجوز و الآخر في مكتب الطبيب، في حين أصرّ الثالث على الذهاب للقرية و إحضار وجبة غداء للطبيب، فبعض المرضى الذين لا يستطيعون دفع قيمة العلاج كاملةً، يقومون بإحضار الطعام للطبيب، و قد اعتاد مآمورو تقبّل ذلك منهم و لو أنّه بهذا سيصعب عليه شراء الأدوية و المواد الطبية التي يحتاجها. تركهم الطبيب و دخل للتأكّد من حالة كُوتآرُو، فوجده نائمًا لم يتحرّك البتة، و لأن طول المكث على وضعٍ واحدٍ خلال النّوم ضارّ بأعضاء الجسم، قام مآمُورو بتحريك أطراف كوتَآرو و تغيير طريقة نومه. و تأكّد من مؤشّراته الحيوية ثمّ خرج من كوخهِ إلى العيادة حتى يبقى عند الرجل الهرِم و يراقبَه احترازًا.

- - -

عندما حان موعد الغداء، نادوا الأستاذ، فحضَر إلّا أنّ هالتهُ كانت مختلفةً عن المعتاد. لاحظ الجميع ذلك، فكان منهم تبادل النّظرات فيما بينهم إلّا رينزو الذي استطاع اخفاء كآبتهِ بمظهرهِ الرّزين. إينمآ صارت تتناول الوجبات معهم منذ بداية هذا اليوم، ففي صف الفتيات: إينمآ، يوكِي و كِيري، بينما الصفّ المقابل فيه الشّبان الثلاثة: الأستاذ، رينزُو و كِين. قال لهم الأستاذ بعد مدّةٍ: "اليوم نبدأ أولى حصص التّمارين. فلتأكلوا جيّدًا."
كانوا على عِلم بذلك، و لكنهم توقّعوا أن يكون كُوتَآرُو معهم أيضًا. الآن تأكّد لهم أنّ الأستاذ لا ينوي الحديث عمّا جرى بالأمس، و أن على أحدٍ إجباره للإفصاح.
"أين كُوتآرُو؟" على دهشة من الحاضرين فإنّها كِيري هي التي سألت. حملق الأستاذ فيها لثانية ثمّ أشاح ناظريه في حين بدى الغيظ على وجه شقيقها.
"سيغيب عن المكان لبعض الوقت، و هذا لن يمنع تدريبكم." ذلك ما ردّ به الأستاذ باقتضابٍ ثمّ أكل من صحنهِ قليلًا و استأذن بالمغادرة.
"تدريبنا لأجل ماذا بالتّحديد!" قالها كِين بنبرة تهكُّميّة، "كل شيءٍ هنا مُحاط بالغموض، و أوّلهُ ذلك العجوز الأخرق."
كانت إينمآ هي الوحيدة التي لاحظت أنّ رينزُو بالكاد تناول شيئًا من صحنه، و بدى على وشك ترك مكانه فبادرتهُ بلُطف: "أنتَ بخير رينزُو؟"
التفتَ الباقون إليه، فبَان ارتباكُه من إلقاء الضوء عليه بغتةً هكذا. "نعم، فقط أشعر بالقلق... حيال غياب السيّد الصغير."
أومأت له إينمآ إيجابًا "ذلك مفهوم. و لكن آمل أن لا يجعلك هذا القلق تُؤذي نفسك و تُهملها."
لقد أدرك أنّ تلك المرأة ترى أكثر ممّا تتحدّث به، فابتسمَ بصعوبةٍ نحوَها و لكنّه لم يجِد القوّة ليمدّ يده للطعام، فبقي في مكانه قليلًا ثمّ استأذن بالمغادرة.
انتهت وجبة الغداء بشكل مزعج للجميع. و بعد خروجهم من غرفة الطعام، انزوى كِين بشقيقتهِ بعيدًا عن الأنظار برغبةٍ في استيضاح بعض الأمور.
"أخبريني مالّذي يجري معك؟ قبل يومٍ كُنتِ تتجنّبين ذلك الفتى و الآن عاد اهتمامُك به!"
"لا أدري لماذا يزعجك هذا،" أجابته ببرود أخرجهُ عن طوره فأخذ يحاول تهدئة نفسه.
"أنتِ أختي الصغرى، إنني المسؤول الأوّل عنكِ الآن و لهذا يجب أن أعرف كل شيءٍ يخصّك. إذا رأيتُ أنّ أيّ أمرٍ هنا أو أي أحد يُمكن ان يُؤذيكِ، فلن أقف مكتوفًا!"
"لا تقلق كثيرًا، أعرف كيف أحمي نفسي." قالت له ذلك ثمّ مضت عنه فصاح بها "انتظري!" فتوقفت عن المشي لتسمع آخر ما لديه، "كُوتآرُو.. إن أمرهُ مُريب، لا أريدك أن تقتربي منه كثيرًا. اسمعيني في هذا فقط." كانت نبرته قد تبدّلت إلى تلك التي يغمرها رجاءٌ و هدوء لعلّها تدخُل في جوف شقيقته. كِيري لم تُجِبه بشيءٍ و أكملت مسيرها.

صائِد مصّاصِي الدّماء، دَانتِيَآس | ‏DANTIAS-THE VAMPIRE HUNTERحيث تعيش القصص. اكتشف الآن