19

7 1 0
                                    


{
الرَّحمة قد تُوجد في مكان يُخيّل إليك
أنها نُزِعَتْ منه، لكنّها تحتاجُ إلى شُعلةٍ
تُوقِدُها
}

/ / /

خلال فترة العَصْر، اجتمعت يُوكِي مع والدتهَا في غرفة المكتبة ليستكمِلا حديثهُمَا فتطلُعُ التَّفاصِيل المُتلهِّفةً القابعة في داخِل خيالاتهما إلى النُّور. رَوَتْ يوكي عددًا من الأحداث التي تتذكَّرها عن اختطافها هي و كُوتآرُو من هذا البيت. يومها كانت يُوكي قد طلبت من كُوتآرُو أن يتبعها، و هو على الرَّغم من ذهولهِ الدَّائم الذي يُخيَّل لمن يراه أنَّهُ ليس حاضرًا إلا جسميًّا، انصاعَ لها و مضى خلفها. خرجت به خارجَ أسوار البيت للَّعب معًا، إذ كانت هنالك تماثيلُ منحوتة على أشكال حيوانات تهوى يُوكِي تسلُّقها و اللعب في تجاويفها مصفوفةً على طول السُّور الأماميّ. تتذكَّر يُوكي أنَّ كوتآرُو بقي لوهلةٍ يركّز نظرهُ نحو الغابة حينما ظهر منها بغتةً رجالٌ مُلفّعون بملابس تُخفي كل شيءٍ فيهم أسرعوا نحوَهُما و أمسكوا بهما ثمَّ فقدتْ إدراكها لما يجري و كأنَّها دخلت في حُلم. القطعة التالية من ذكرياتها كان فيها كُوتآرُو مُلقىً على الأرض بجانبها غائبًا عن الوعي في مكانٍ شبه مُظلم و رطِب. ثمَّ تتذكَّر أنّهما جالسان عند بابٍ حديديٍّ ضخمٍ لمؤسسة مَا اتَّضح لاحقًا أنها دار للأيتام. يوكِي حاولت الحديث مع مسؤولة الدار بأنهما تم اختطافهما و رميُهما هناك، لكن تلك المرأة، و لكثرة ما تجد من الأطفال المرميين عند أبوابهم بمختلف الأعمار، ظنّت أن يوكي تهذي بقصة ما قرأتها أو سمعتها من أحد، فلم تُبدِ اهتمامًا في مساعدة يوكي على الرجوع لذويها. لم تحاول يُوكِي الهرب لأنّ المدينة كانت غريبةً كليًا عنها و فكّرت أنه بتركها هذه الدّار لن تعرف إلى أين ستذهب و بمن تستعين، فعلى الاقل هنا لديهم طعام و سرير و أطفال آخرين للحديث و اللعب معهم. في تلك الدَّار تعرّض كُوتآرُو للتًَنمّر لأنّهُ مريضٌ غالب الوقت و ضعيفٌ بدنيًّا و فوق ذلك لم يكن ينطق بالكثير من الكلام. فَكانَ الأطفال المشاغبُون يستغلّون صمته ليفعلوا فيهِ المقالِبَ و يُوقعوه في المشاكل حتّى أنه تعرَّض لعقوباتٍ من المسؤولة عن الدَّار لأمور لم يرتكبها. و مع محاولات يوكِي في البداية لحمايته لكنّها أخذت تشعُر بالحَرَجِ و الضَّجر منه ممّا أفضى لنبذها إيّاه كليّةً. كانت طفلةً على أيّ حال، و الأطفال لا يحبّون الجمود الذي يُطوِّق ذلك الصغير. ارتأت أن تترُكَهُ لمصيره و تتظاهر بأنَّ لاشيء يجمعهُما و لم يكُن كُوتآرُو يُبدي أنَّه مُتعلّق بها بل في الغالب ينعزل عن الجميع و فقط يُنفّذ ما تأمُرهُ به النساء المسؤولات عنهم في الميتم؛ فقد كانَ هناك مهمَّات تنظيف و ترتيب و عناية بالحديقة حول المبنى و ما إلى ذلك يقوم بها الصّغار كمُساعدين لأولئك النّسوة. الآن و بعد أن كبُرت يُوكِي و صارت أكثرَ حِكمةً؛ باتت لمَّا ترى كُوتآرُو تضطرِبُ و تبدأ تصِف نفسها داخليًّا أنها كانت غبيّة جدًا و ترغب في طلب الصّفح منه كذلك، لو أنَّهُ يتذكَّر ما فعلتهُ معه في صباهما.

صائِد مصّاصِي الدّماء، دَانتِيَآس | ‏DANTIAS-THE VAMPIRE HUNTERحيث تعيش القصص. اكتشف الآن