{
كانَ هناك أمامهم دائمًا
لكن لم يهتمّ أيّ أحد
ليعرفَ عالَمَه
}/ / /
خلال لحظاتٍ بين اليقظة و الحُلم، ابصَرتْ عيناهُ الزّرقاوان هيأةَ فتاةٍ تُحدِّق فيه عبر الظَّلام، و لم يشعُر بالجزع منها، فأدرك أنَّها إحداهما.. و الأرجح أنها كيري، واقفةً هناك قريبةً جسمًا لكنّها حتمًا بعيدةً روحًا. لم يرغب في الحراك ولا الكلام، فقط الاسترسال في مزيدٍ من النوم؛ فالمشاهد التي قبل ليلتين ما تزالُ حيَّةً محمومةً في ذهنهِ تتوارد مع نبضِه، و توقِد في جوفهِ الآلام.
(خسارة الإنسان عظيمة عندما تتعلَّق بأُناسٍ لم و لن يعرف لهم نظيرًا.)
في الصَّباح و بعد الإفطار الذي لم يكُن الفتى حاضرًا فيه، أرسَلَ تينكي في طلَب الفتاتَين و كِين و رينزُو أن يجتمعوا معه في غرفة التَّدريب. كان كُوتآرُو قد استيقظ و لكنه بقي جالسًا داخل غرفته يُقلِّب حوادث الأمس. فقد جُعِل طُعمًا، و تمت مُطاردتهُ بُغية تصفيتِه. لم يُشرح له كلّ شيءٍ بعد، ما تزال هناك الكثير من الثغرات في الأسباب و الحكاية وراء كل هذا الجنون. فالمدينة شبهُ مُدمّرة، و ساكنوها ما بين مُشرَّدٍ هارب، و بينَ ساكنٍ للملاجئ، و قتيل. بينما كُوتآرُو و رفاقهُ بأُعجوبة وصلوا إلى مكانٍ ناءٍ و "آمن" نسبيًّا، ثمَّ هناك مسألة الكيفيّة التي يفترض بها إنهاء هذه الحال العجيبة، مطرٌ و ثلج في منتصف الصَّيف، و غيوم لا تنقشِع، ومخلوقات غريبة عديدة تحوم باحثةً عن طرائد هائمة.
ما دورُ كُوتآرُو و أصحابه في هذه المعضلة؟طَرْقٌ مُتمهِّل على بابهِ و من ثم دخل الأستاذ يوشينُو إلى الغرفة.
"كيف تشعُر؟"
لم يُحرّك كُوتآرُو أي جزءٍ من جسمهِ لينظر لأستاذهِ و بقيَ ساكتًا.
اقترب منه الاستاذ أكثر و جثى على ركبتيهِ على الفراش المفرود الذي كانَ كُوتآرُو نائمًا عليه سابقًا، و هو الآن جالسٌ عليه مُسندًا ظهرهُ للجدار.
"كوتآرُو.. لقد أصبحَ الأمرُ.. واضحًا لنا الآن. و سيُحاول العجوز شرح بعض الأمور لك، على انفراد بالطبع. هو الآن يتحدَّث لرفاقك، ثمَّ سيطلُبك."
"لِمَ عليّ المشي وفقًا لخُطّتكما؟" تمتم كُوتآرُو بلامُبالاةٍ جليّة أزعجت الأستاذ، فهو قد تحدَّث لِلفتى سابقًا عن بعض الأمور.. سابقًا عندما جعلهُ يستيقظ على ما هو عليه و لم يكن يُدرِكُه!
"أنتَ ما تزالُ تريد المزيد من الأسباب؟"
التفتَ كُوتآرو أخيرًا للأستاذ: "لقد خسرتُ كل شيء، لم يبقَ إلَّا نفسي.. و ذلك ما تريدانه."
"كوتآرُو!!" صاح الأستاذ، "انتبه إلى ما تقول!"
"الحقيقة لم يعُد يهمّ كثيرًا ما سيحدُث لي، و لكن.."
حاول الأستاذ تمالُك نفسهِ حتى لا يلكُم كُوتآرُو ليلجمهُ عن حديثه القاسي تجاه نفسِه قبل أيّ اعتبارٍ آخر.
"لا تدخلوا الفتيات في هذه الدوّامة،" همَس بها كُوتآرُو و قد أشاح عن الأستاذ.
شُدِهَ الأستاذ و تحيَّر. إذ ليسَ من عادة كُوتآرُو إبداء اهتمامٍ بأي أحد فيما خلى والدتهُ المتوفَّاة. ثمَّ خطر له بأنَّ هذا الفتى يُدرِك أكثر ممّا يُبدي أنه يُدرك! و هذا شيءٌ عجيب للأستاذ، اذ فكّر فيه سابقًا لكن لم يُمحِّص هاته الفكرة و الآن انتبه لذلك. نهضَ الأستاذ من مكانهِ طالبًا من كُوتآرُو مُغادرة الغرفة حتى يُلاقي العجوز تينكِي بعد فراغهِ من الحديث مع الشَّباب الآخرين، و خرجَ تاركًا الباب مفتوحًا وراءه.
أنت تقرأ
صائِد مصّاصِي الدّماء، دَانتِيَآس | DANTIAS-THE VAMPIRE HUNTER
Vampireهنا نبدأ مَن هو دانتيَآس؟ و ما قصّتهُ؟ هل حكايتهُ تستحقّ أن تُقرأ؟ . . . مَن لا يُحب الخيال و قصص الخوارق لا يدخُل.