01

76 9 2
                                    




}

أينَ تذهبُ الآمالُ الغيرُ مُحقّقة؟
و إلى أينَ تنتهِي الرّغباتُ المنبُوذة؟
هل هُناكَ مقبرةٌ رحبةٌ لكُلّ ما ماتَ في دواخِلنا؟

{

في الصّباحِ استغربتْ السّيدة كآيُّو أنّ كوتارُو تأخّر بالنّزولِ من غرفتهِ للإفطار على غَيرِ عادتِه لذلك صعدتْ للإطمئنان عليه؛ لتُصدَمَ من الذي وَجَدتهُ.

///

"أسمعُه.. يتدفّقُ و يطنّ في أُذني.."
فكّرَ كُوتآرُو بينَ يقظَةٍ و إغفاءٍ يلْحَظُ أن جسدهُ يبرُد أكثَر فأكثَر و أنّه عاجِز عن تحرِيك إصبع أو حتّى الأنين. وحدهَا دَمعَةٌ ساحتْ عن عينِه دُون أدنى شعُورٍ منه بالرّغبة في البُكاء، فبالرَّغم من أنّه لا يكاد يفهَم ما يجري لهُ و ما تفعلُه تلك المَرأة، كانَ هذا الألمُ يبدُو و كأنَّهُ سيأخُذُه للخِتامِ الذي يرجُوه. نهايةً هادئةً مُثلِجَة دُون أيّ ضجيجٍ أو ضوضاء. تكّاتُ الساعات مِثلَ إيقاعٍ تنسحِبُ معه رُوحُه لتجعلَ ناظِرَيهِ يزدادان قتامةً مع بهيم اللّيل. إلى أن لم يعُد هُناكَ أيُّ وَجعٍ و لا إحساسٌ بالواقِع.

كانتْ تِلكَ المرأة مصّاصة دِماء تسلّلتْ عبرَ الشُّرفة التي حَسِبَ كُوتآرُو أنّه أغلقهَا لكنّه لم يفعَل ذلك بشكلٍ صحيح، و بسببِ قدراتِها الخاصّة فقدْ جعلتْ الفتى عاجِزًا عن الدّفاع عن نفسِه أو طلبِ المُساعدَة. كانتْ تعلمُ أنّه استعادَ بعضَ وعيِه و لم يُقلقها ذلك لأنّه لن يرى شُعاع الصّباح التّآلي على كُلّ حال. بينَ يَديهَا باتَ محضَ جسدٍ دُونَ إرادة؛ دُميةً خائرة سائغة للتّغذيَة، فهذا ما كانَ عليهِ البشرُ في أنظار مصّاصي الدّماء دائمًا.

أمّا كُوتآرُو فقد ذهبَ وعيُهُ إلى بُقعَةٍ نائيَة.
"يبدو و كأنّ جسدِي غادَرني.. أو هيَ رُوحِي التي فعلتْ..."
فكّرَ و هوَ جالسٌ تُحيطُهُ ظُلمةٌ مُمتدّة.
"حتّى متى..؟"
كانَ قد حاولَ المشيَ في الأرجاء سابقًا لكن دُون أيّ طائِل. إنّهُ مثلَ أن تُحتجَز في عُمق كهفٍ دونَ جُدران أو مدخَلٍ أو حتّى سقف. فقوقَّف عن تجوالِهِ ليقعُد على ما يبدُو له أرضًا مستويَة.
"عندما يكون المرءُ وحيدًا هكذا تُراودُه الكثير من الخواطِر، مِثلُ: هل كانَ لوجُودِه أيُّ معنىً على الإطلاق؟"
زَفَرَ بتملمُل.
"هذا الصّمتُ يجعلني أسمعُ أنفاسِي و النَّبضَ اللّعين بوضوح.. إذًا لا أزالُ حيًّا؟"
في البدء و من البردِ الذي سَحَقَ أطرافه حَسِبَ نفسهُ قد انتهى جُثَّةً جآمِدة، فذلك ما يبدو عليهِ المَوتُ من بعيدٍ و قد جعل نفسهُ شبهَ مُستعدٍّ للرَّحيل قبل هُنيهة، لكنّه الآن يعتقدُ بشيءٍ آخر.
"هل أنا الآنَ كما يقولونَ: شبحٌ آخرٌ يرقُص لوحدِهِ في الظّلام؟ هه"
ابتسمَ لنفسهِ مُكشّرًا قليلًا، تلك جُملةٌ قرأها في روايةٍ ما لا يحضُرهُ عنوانها لكنّ الجُملة حُفرت في ذهنه.
"حسنًا.. ألَا يُشبه هذا السَّلامَ الذي كُنتُ أنشُد؟"
كانَ مبهُوتًا كذلك فمهمَا حاولَ استرجاعَ الّلذي حصلَ لهُ قبل وصُولِه إلى هُنا لم يقدِر على تبيُّن شيءٍ في ذاكِرتِه و من الصّعب تصوُّر حُلمٍ أن يكُون بهذا الجلاء الشّديد الذي يُمكن أن يجعلهُ مُتوجّعًا حتّى نُخاعِه.

صائِد مصّاصِي الدّماء، دَانتِيَآس | ‏DANTIAS-THE VAMPIRE HUNTERحيث تعيش القصص. اكتشف الآن