❤الفصل الثلاثون❤

225 11 0
                                    

الفصل الثلاثون

استغربت باتريسيا من شخص يأتي في ضيافة الملك عند الصباح الباكر, لكنها خافت من غضبه فلم تشاركه أفكارها, واكتفت بايماءة الموافقة وكأنها تستطيع رفض طلب له, استأذنت منه ان ترتدي عباءتها المخملية البيضاء حتى تقيها من البرد, فانتظرها بصمت وهو يراها تضعها فوق كتفيها, ثم ذهبت معه الى خارج القصر حيث اقتادها, عندما رأت انهما يتوجهان للبرج الجنوبي بدأت تشعر بأن هناك أمراً يدعوا الى الريبة, ولكنها لم تستطع سؤاله عن هذا الضيف الذي ينتظرهما في برج الموت حيث جثة فيكتوريا المعلقة. بدأ نفسها يضيق, وتباطأت خطواتها عندما وصلا لباب البرج, فاستدار إليها الملك امام حراس الباب وكانت لهجته حادة وهو يقول لها:

-أراك مترددة؟

-لا جلالتك, سأتي في الحال.

قالت ذلك وهي تسرع باللحاق به, كان يصعد بسرعة في الدرجات الحجرية الضيقة وكانت هي تتبعه وتحاول مجاراته في سرعته, مع انها تعبت وتعثرت اكثر من مرة في تلابيب عباءتها وفستانها الملكي, وعندما وصلوا لسطح البرج اخيرا كانت تضع يدها على قلبها تحاول ضبط تنفسها, ولم تعرف انها عندما ترفع عينيها وترى ذلك المشهد أمامها سيتوقف قلبها عن النبض, ظلت صامتة بعينين متسعتين ولمسامعها وصل صوت الكسندر وهو يشير لرجل الضخم الجثة والاصلع الرأس ذو العيون الخضراء وهو مربوط على منصة المشنقة ليس حتى يشنق, انما كان مربوطا عند عمود حديدي وسط الساحة, ويحيط حوله مجموعة من قطع الحطب الكبيرة, مكونة بذلك دائرة تشبه موقد نار جحيمية, ظلت باتريسيا تحاول ان تمنع نفسها بشدة من التقيأ وقد بدأت تشعر بالغثيان الشديد لمنظره الذي لا تحتمله الاعين الضعيفة كعيونها, فقد كان واضحا بأنه تعرض لتعذيب جسدي شديد ولوقت طويل, جروحه البليغة والتي تثير الرعبة في قلوب البشر, وجهه اصبح مشوها, وكأن هناك من كان يتفنن في تقطيع وجهه وجسده, حتى إن إحدى أذنيه كانت مبتورة!

-إنه ضيفي الذي قدمته لي فيكتوريا هدية منذ وقت طويل.

ركضت باتريسيا بسرعة بعيدا عن الملك وبدأت تفرغ ما في معدتها وهي تستند بيد واحدة على جذارالبرج, وظل في تلك اللحظات الكسندر يحدق اليها بوجه ليس عليه اي تعبيرات, وانتظرها بصمت حتى هدأت واستجمعت قواها من جديد ووقفت على قدميها, مسحت فمها واقتربت منه بدموع حبيسة عينيها, وقفت بجانب الملك وهي تحاول الاعتذار قائلة:

-اعتذر فخامتك, لم استطع تحمل رؤية كل هذا.

-يا لهشاشة قلبك.

رفعت رأسها إليه عندما سمعت سخرية مبطنة في كلماته تلك, قبل ان تلتفت بزوايتي عينيها وتنظر لفيكتوريا التي كانت تظنها ميتة, فإذا بها حية كالافعى تقف بعيدا عنهم بعدة خطوات على يسارهم وسط الحرس, تنظر اليهم بهدوئها الجليدي, التقت نظرات المرأتين, فكزت باتريسيا بقوة على اسنانها قبل ان تلتفت للملك وتقول له بصوت ملئته ثقة عجيبة:

ملوك تحت رحمة العشق لكاتبة ماروسكاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن