فقدٌ واشتياق

11 2 0
                                    

مرحبا مذكرتي

كما أخبرتك في المرة الماضية.. خالتي أثيلة وعائلتها سافروا سفرا نهائيا لأوزبكستان بالفعل بسبب بعض مشاكلهم

خالتي وفائزة احتمال عودتهم ذات يوم ضئيلة نوعا ما.. لكن بالنسبة لعاصم وعامر إذا بلغوا السن القانوني سيكونون قادرين بإذن الله للمجيء مجددا للمدينة

كم كان ياسر يحب ويتعلق بعاصم.. لا ألومه فقد كان حنونا ولطيفا للغاية
كنا قلقين عليه فيما سنفعله ونقول له إذا سافر وبدأ يفتقده..

لكن سبحان الله لم يحصل شيء ولم يشعر بذلك الافتقاد الشديد له… لقد كان صغيرا لا يفهم شيئا لذا من الطبيعي أن ينساه سريعا

لكن بالنسبة لنا نحن الكبار، كان ذلك صعبا حقا…

لأصارِحك القول… أنا في بادئ الأمر كنت أفكر أني لن أحزن على فراقهم إطلاقا لأني عانيت من بعض المشاكل والخلافات القديمة معهم بالفعل خاصة في أيام مراهقتي وفكرت أن حياتنا ستكون أكثر هدوءا بكثير بذهابهم، وخاصة عائث.. أردته أن يغادر وأنتهي من أمره

وحدث ذلك بالفعل.. ولم أبك ذلك اليوم كما أخبرتك.. وكنت أقول بكل اقتناع في داخلي أن ذلك أفضل لنا

لكن حسنا… فيما بعد… بدأت مشاعر الحنين تراودني.. خاصة حين أرى أماكن أو أشياء كانت مشتركة بيننا فأتذكر ذكرياتنا التي جمعتنا..

وهذا يذكرني حقا بما قلته ذات مرة لفائزة حين طرحَتْ تساؤلا عابرا، عن أي من الأطراف يشعر بألم الاشتياق أكثر، من سافر وفارق المكان أم من بقي وما زال في نفس ذلك المكان؟

ورأيي ما زال كما هو.. وهو أنه بالتأكيد الشخص الذي يظل في ذلك المكان المحمّل بالذكريات وحيدا دون أولئك الذين رحلوا.. يعيش شعورا أصعب، لأنه سيستمر بالتذكر ورؤية خيال الذكريات حوله في المكان لذا لن يكون سهلا له التخطي... أما الذين رحلوا.. يكون أسهل لهم أن ينسوا ويمضوا في حياتهم الجديدة طالما لا شيء حولهم يذكّرهم..
لكن تلك ليست قاعدة ثابتة بالطبع... قد ينسى أصحاب المكان ولا ينسى من رحلوا..

على كل حال
أصبحنا لا نخرج الحدائق إلا نادرا
لأن إخوتي يقولون أنه ما الداعي من ذلك ونحن لوحدنا بدون عاصم وعامر
وبالفعل.. حين نخرج لوحدنا يكون الأمر مملا بعض الشيء، بل مملا للغاية

أصبحنا نوعا ما.. نشعر بالوحدة حقا

بالذات حين نخرُج لمكان ما كنا معتادين على الذهاب إليه مع عائلة خالتي.. في تلك اللحظة أبدأ برؤية خيال ذكرياتنا في ذلك المكان تحوم حولي باستمرار

ضوضاء فتاة هادئةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن