6

931 32 0
                                    

عاينتا ليها بصدمة .. ولا أردايا زحيت يدي الكنت خاتها في كتفها وبهزها بيها أثناء ما بسألها عن مجدي .. غمضتا عيوني وفتحتهم وأنا بحاول أستوعب الكلام الورتني ليهو .. قالت لي ميامن قولي بسم... بسرعة وقبل ما تتم كلامها ختيت يديني على أضنيني وقعدتا أصرخ بصوت عاالي وقلت ليها هسسس!! أسكتيي منيي ما عايزة أسمع الهظار الإنتي بتقولي فيهو دا لانو باااااايخ ، باااايخ شدديد يا خديجة ، كيف يعني تهظري معاي في حاجة زي دي وتقولي لي أني فقدتا حياتي؟ خديجة إنتي ما عارفة أنو مجدي وأولادو نفسي الطالع والنازل؟؟ كيف تقولي لي خسرتيهم! وكمان دفعة واحدة؟ عارفة إنتي بتوريني في شنو؟ بتوريني أني خسرتا تلاتة أنفار بعنو لي الدنيا ومافيها ، تلاتة مع بعض يا خديجة متخيلة معاي الحاجة دي كبيرة قدر شنو!!! .. نزلت لي يديني من أضنيني ومسكتهم وقالت لي يا ريت لو كنت بهظر معاك بس والله العظيم دي الحقيقة مجدي ولدن ووائل أتوفو يا ميامن .. نفضتا يديني منها بقوة وقلت ليها بصوت عالي وكنت بكورك فيها: مجنونة إنتي يااااااخي! البخليك لسه تقولي كلام زي دا شنو وتصري عليهو؟ هوووي أنا نازلة أظن عقلك دا طار منك الليلة قال مجدي وأولادو أتوفو قال .. ضحكتا بي أستهتار ونزلتا من العربية ومن جواي كنت برجف لمن ما حاسة بي نفسي وبي رجليني .. وشفايفي كانت بتتحرك سريع وبتمتم .. دعيت أنو السمعتو يكون كذب وقلتا يا رب خديجة تكون بتظهر معاي وعايزة تعمل فيني مقلب .. بس أصوات البكى الجاية من بيتنا خلتني أتوقع أنو القالتو دا إحتمال يكون صاح ، وأتاكدت أنو صاح لمن دخلتا البيت جوا وشفتا الناس كلها ملمومة وخالتي خاتة يدينها فوق رأسها وبتبكي بي أعلى حسها .. في ثانية بس أتخطيت الناس دي كلها وجريت عليها جري زي الشافعة الصغيرة وأنا قلبي بدق وبطني واجعاني وما عارفة حيلي وقتها كان شايلني كيف .. قلت ليها بلهفه: خالتي ، خالتي .. قالت لي وااااي يا ميمي وااااي .. قلت ليها في شنو مالك بتبكي؟ والناس الكتيرة ديل شنو؟؟ ومالم ببكو؟ ووين مجدي وأيمان لسه ما جو من أهلها؟ أشتقت لي وائل ولدن شدييد كانهم قبيل الصباح ما كانو معاي، يالله ياااخي ما بقدر أستحمل البيت دا ولا لحظة بدون جوطتهم وبدون قعادهم معاي وهسي منتظراهم يجو بفارق الصبر ، الله يجيبهم طيبيين حبايبي .. خالتي عاينت لي بنظرة شفقة وقالت لي أخوكي مات يا ميامن مجدي الحنين فات وخلانا هو وأولادو، وائل ولدن ماااتو وتاني ما ح يجو هنا وتاني ما ح يجوطو جنبنا ماتو يا ميامن مااااتو .. قلت ليها بغضب: خالتي إنتي واعية لي البتقولي فيهو دا؟ يعني بالجد صدقتي أنهم ممكن يمشو ويخلونا؟ معقولة يا خالتي تصدقي أي كلام يتقال ليك؟ .. قبل ما هي ترد علي الناس أتلمت فيني وكل زول كان بيحضني وبيبكي .. ما قدرتا أتحمل صوت بكاهم وعزاهم لي ولزيتهم مني وقلت ليهم لالالاااا انتو بتكذبو ، بتكذبو علي مش؟ استحاله الكلام دا يكون صاح استحااااله يموتو ويخلوني، ما ماااااتو أخوي وأولادو ما ماتوووو، يا خالتي عليك الله ، عليك الله حلفتك بالنبي قولي لي إنك بتهظري معاي وأنو أخوي وأولادو ما جاتهم حاجة هما كويسين ، كويسين صااااح؟؟ وااااااي أنا لو أخوووي الوحيد ماااات وخلاني براااي وااااي أنا .. خالتي حضنتي عليها وقالت لي أحييي يا ميامن بتي أريتو كان صاح ، أريتو كان أخوك لسه كويس .. دفرتها بعيد مني وبقيت بصرخ وبقول ليها كيييف يعني يموتو؟ كيف بس يا خالتي وريني!! .. قعدتا في الارض وبقيت بجر في شعري وبتجنن وبكورك بي أعلى حس عندي وبقول اللييييييله وووب علي ، الليله يا حليلك يا ميامن بقيتي برااااك خلاص أخوك سندك الوحيد الما عندك غيرو فااات وخلاك ، الليله خسرتيهو زي ما خسرتي أمك وأبوك ، واااااي أنا يا يمة من ناااااري وااااااي من فرااااقك يا أخوي، أحيي يا لدن ووائل وين مشيتو وخليتوني! وووين مشيتو وخليتو عمتكم البتحبكم؟؟ .. خالتي جات مسكتني من أكتافي وقالت لي وهي دموعها جارية: اللهم لا أعتراض على حكمك يومهم تمى يا بتي .. قلت ليها أنا بقيت براااي يا خالتي، خلاص هما فاتو مني ، أنا ما فضل لي زول يا خالتي فقدتا أمي وأبوي من سبعة سنوات وهسي فقدتا أخوي وأولادو ، أنا ما ودعتهم يا خالتي ، ما حضنتهم زي الناس ، لسه ما شبعتا منهم ، أنا ما كنت متخيلة أني ح أفقدهم كدااا وأتخيلتهم ح يرجعو من ناس أيمان قبل العصر ، كنت ناوية أعمل لي وائل كستر باللبن بعدين عشان هو بحبو وكنت ناوية أحضنو واخليهو والليله ينوم معاي وكنت عايزة أعتذر منو على كل التصرفات الكنت بعملها ليهو ، خالتي وائل فات وهو زعلان مني ، ما راضيتو لسه ، ما راضيتو يا خالتي ، حيكون مات وهو شايل في قلبو مني وبكرهني عشان بتعامل معاهو بي بقسوة ، قولي ليهو يرجع والله العظيم تاني ما أشاكلو حتى ولو غلط ، والله العظيم أجيب ليهو الدايرو وما أحرمو من حاجة أبداً ، أحيييي يا وائل أحيييي عمتك ما بتقدر على فراقك ، عمتك بتحبك شدددديد ولو عليها تقطع من لحمها وتديك ليهو ، عمتك حاليا بتمووووت من الالم لانها كانت بتزعلك وبتمنى لو ترجع عشان تراضيك وتحضنك عليها شدديد وما تفكك خالص ، أخخخ يا ريتني لو متا بدلهم يا ريتني يمكن هسي ما كان بقيت برااي ولا كان فقدتهم ، واااااي أنا يا قلبي وااااااي .. أشرت ليها بي يدي الكانت بترجف وقلت ليها وأنا ببكي بكل حرقة قلب: وائل ولدن يا خالتي أنا ربيتهم من لمن كانو صغار ، من هما صغار معاي بحميهم ولبسبهم وبأكلهم وبشربهم ومعتبراهم أولادي لي النوم دا بخليهم ينومو معاي وما بوديهم لي ناس أمهم ، قولي لي هسي كييف بس ، كيف يمشو ويخلوني؟؟ كيف يموتو؟ كييييف! ايي صاح أنا بكون صارمة معاهم وبعاملهم بي حدة بس والله ما من قلبي، ما من قلبي يا خاااالتي أنا في الحقيقة ميتة عليهم وبريدهم أكتر من نفسي ، متعودة أصحى الصباح بي وشوشهم وجوطتهم ورييني تاني أتصبح بي وش منو؟؟ ولا تاني القاهم وين؟! أنا ما بقدددر ما بقدر أصدق أنهم مااااتو حتى في أحلامي ما بقدر أصدق الحاجة دي ولا أتخيلها مجرد خيال سااااي .. خالتي قعدت تبكي زيادة لمن سمعت كلامي دا وغلبها ترد لي .. قلت ليها ولدن ، لدن لسه ما شافت شي لي الدنيا عشان تمشي ، لسه الستة سنة ما تمتها قولو لي يا ناس قولو لي أنا كيف أقدر أنسى ملامح وشها! ولا ضحكتها! ولا نظراتها البتعاين لي بيها؟ .. ختيت أصبعي على أضاني وقلت ليها صوتها ، صوتها لسه سامعاهو ، لسه صداهو بتردد لي في أضاني وكأنها بتتكلم معاي في اللحظة دي وبتقول لي يا ميامن ، يا عمتي ، بقيت بضرب في قلبي وبقول أحيييي من وجعي عليكم أحيييي .. خالتي قالت لي أستغفر الله يا بتي دي أرادة ربنا .. ومسحت دموعها وحاولتا تتقوى .. تاني نادت خديجة وقالت ليها تعالي سوقيها جواا قطعت قلبي .. خديجة قومتني من الارض وبقت ماشة وتاكلاني .. وأنا حرفيا حيلي كلو كان عليها ولو هي فكتني بالغلط ح أقع .. قلت ليها خديجة وائل مشى ، وائل مات يا خديجة تاني لمن تجينا البفتح ليك الباب منو؟ ولا البقعد يكاويك منو؟ تاني انا ح أشاكل منو؟ تاني أنا ح أخاف على منو؟ ، تاني أنا ح أنوم منو؟ خديجة أنا ما عندي غيرهم والله العظيم ما عندي غيرهم في الدنيا دي ، لي يمشو ويخلوني! لي بس؟ .. قالت لي شيلي الصبر يا ميامن وأدعي ليهم هم مشو لي ربنا ولي مكان أحسن من هنا .. قلت ليها أنا زاتي عايزة أمشي معاهم ما بقدر على فراقهم ما بقدر أتخيل حياتي بدوهم هما كل حاجة بالنسبة لي وحاليا أنا خسرتهم يعني خسرتا حياتي وأي شي معاهم ... حضنتي عليها شدييد وقالت لي وهي بتبكي: ربنا يلطف بيك يا ميامن ، ربنا يصبرك يا أختي .. قعدتني في السرير وكانت لسه ماسكاني عليها ونهائي ما فكتني .. لحدي ما غسلوهم وكفنوهم هي كانت حاضناني وبتبكي معاي .. خالتي قالت ليها خليها تتوضى وجيبيها الغرفة عشان تقرا ليهم قران وتودعهم .. خديجة لي المرة التانية تكلتني عليها وساقتني .. خلتني أتوضى وودتني ليهم .. وأنا ماشة على الغرفة المغسلين فيها مجدي أخوي كنت حاسة إني بحلم وحاسة أنو الحاصل دا ما حقيقة وكنت متخيلاهو مجرد حلم ح أصحى منو في أي وقت و ح القى أخوي وأولادو قاعدين وما فاتو مكان .. حتى لمن أسمع صوت زول ببكي للحظة بستغرب دا بيبكي لي؟ وبقول هو ما عارف أنو أخوي وأولادو كويسين؟ما قادرة أتخيل أنهم بالجد ماااتو وأنهم بقو ما موجودين معانا ولا قادرة أتقبل الفكرة دي من الاساس .. وكل ما أمشي لي واحد منهم وأشوفو وهو مكفن وراقد في السرير .. شعور أنو البحصل دا حلم بزيد عندي زيادة .. وبقرب أمد يدي وأهبشهم بس عشان أصحيهم وأقومهم .. وما كنت مصدقة أنهم مكفنيين قدامي وشوية وتاني ما ح أشوفوهم للأبد نهائي .. بعد الدفن أنتهى مسكتا في خديجة وقلت لي بنبرة ترجي: خديجة عليك الله ، عليييك الله يا خديجة إنتي الوحيدة البتقدري توريني لو الحصل دا حقيقة ولا لا، خديجة أنا بالجد أخوي مات؟ بالجد وائل ولدن ماتو؟ أنا بالجد فقدتهم؟ يعني جد جد أنا بقيت وحيدة؟ حلفتك قولي لي لا وقولي لي أنو الحصل كذب ، أنا عاوزة أخوووي يكون معاي ، جيبو لي أخوي .. قالت لي ميامن أصبري دا أمتحان من ربنا .. قلت ليها أصبر كيييف وأنا فقدتا أهلي كلهم خلاص؟ في لحظة بس وفي لمح البصر وفي أقل من ثانية أنا خسرتهم ، خسرتهم مع بعض وما فضل لي زول منهم قولي لي من وووين يجيني الصبر! من وين بس يا خديجة! .. قالت لي ربنا كريم ومسكتني عليها قوي وبقت تبكي معاي .. حرفيا أنا ما عارفة اليوم داك عدا علي كيف ولا عارفة أنا قدرتا أعيشو لي النهاية كيف .. شلتا الليل كلو بكى .. وكنت بتمنى لو اليوم دا ما جا ولا مرا علي من الأساس وأتمنيت لو أني متا قبل ما أسمع بي خبر وفاة أخوي وأولادو .. بس للاسف البنتمناهو حاجة والواقع والبحصل حاجة تانية خالص .. الصباح بعد الواطة فتحت طلعت برة عشان أتوضى .. عاينت في الحوش كدا لقيت في ناس بايتة معانا أغلبهم من أهل أمي .. أتوضيت وجيت صليت .. بعد خلصتا قعدتا قبلي في المصلاية وبقيت بسبح .. خديجة جات ووقفت في رأسي .. عاينت ليها .. مدت لي كباية شاي .. قلت ليها دا شنو؟ .. قالت لي شاي .. قلت ليها عارفاهو شاي لكن لي جايباهو لي؟ ما عايزاهو .. قالت لي ميامن إنتي من امبارح الفطور تاني ما دخلتي حاجة في خشمك .. قلت ليها ما لي نفس أكل .. قال لي بس بالطريقة دي ح تمرضي وح تتعبي .. قلت ليها وأنا بقوم على حيلي وبطبق في المصلاية: لو بمرض وبلحق أخوي وأولادو ما عندي مشكلة حباب المرض ، ااكل كيف وأكتر تلاتة بحبهم فارقوني وخلوني برااااي؟ اااا؟ .. قالت لي ميامن قولي بسم الله وأتعوزي من الشيطان .. غمضتا عيوني بتعب وقلت ليها بسم الله ... ومشيت غرفتي .. قفلتا علي الباب وقعدتا في السرير وبكيت .. بكيت كدا لمن فترتا.....

مرو أربعة يوم من الوفاة والناس مشت بيوتها من اليوم التالت .. أساسا ما كانو كتار بس جزء من أهل أمي البعيدين وأولاد خالتي منى والجيران وناس الحلة عموما .. صاح خالتي وخديجة ما خلوني ولا لحظة براي وكانو طول الأربعة أيام الفاتو معاي ، لكن أنا ما كنت حاسة بي وجودهم جنبي .. ولا كنت حاسة بي أي شي حوليني .. حتى في ناس شغالين معاي في المصنع جو وعزوني بس أنا ما واعية .. لدرجة ما قدرتا أفزر منو الجا ومنو لا ، وما فهمتا ليهم شي ، خديجة وخالتي مشو كم مرة المستشفى لي أيمان خلال الاربعة ديل بس أنا ما قدرتا أمشي معاهم ولا كنت قادرة أخطي خطوة واحدة برة البيت ، ولا عندي الشجاعة أصلا عشان أمشي ليها وأقيف قدامها بعد الحصل وبعد ما فقدنا أعز ناس على قلبنا ، لانو زي ما أنا فقدتا أخوي ، هي فقدت راجلها وفقدت أولادها مرة واحدة ومع بعض وماف شي بوجع القلب وبيخليهو ينزف من الالم أكتر من كدا ، ولا أنا ما ح أقدر أستحمل أشوفها وهي راقدة في السرير وجسمها مضروب وفاقدة الوعي ، ولا بقدر أعاين في وشها الفيهو نفسي ملامح وش وائل ، أخخ يا ربي ، فاقداكم شدديد يا وائل ومتمنية لو أنكم قاعدين معاي حاليا ومتمنية لو أسمع صوتكم في البيت وأشوفكم .. متمنية لو الحصل دا ما حصل .. أنا خلاص بقيت وحيدة ولو مهما يحصل ماف زول ح يقدر يعوض الفقد الأنا حسيت بيهو بعد ما هما ماتو ..

خديجة جات لقتني راقدة في السرير بصورة فوضاوية .. وبعاين لي السقف وسرحانة بعيد ودموعي نازلة على خدي .. قالت لي ميامن حرام عليك البتعمليهو في نفسك دا خافي الله شوية يااااخ .. قلت ليها ما مستوعبة الحصل يا خديجة أنا أشتقت ليهم شدييد وعايزاهم جنبي وقدامي أنا لسه ما شبعتا منهم عشان يمشو! .. قالت لي ربنا يجمعكم بيهم في الجنة ويصبرك على فراقهم .. قلت ليها أن شاء الله .. قالت لي هسي كدي قومي معاي عشان في ضيوف جو برة عايزين يعزوك وخالتك قالت لي أناديك .. قلت ليها بزهج: وديل منو كمان؟ .. قالت لي بري ما بعرفهم ، قومي يلا .. حركتا ليها رأسي وقلت ليها قايمة .. جات صلحت لي التوب الكنت لابساهو ... ودخلت لي شعري لي جوا مع أنو حالتو كانت مبهدلة شدديد وما بتلمى بسهولة بس جازفتو .. وختت لي السفنجة جنب رجليني .. لبستها وقمتا على حيلي وطلعنا برة .. هي مشت المطبخ وأنا مشيت الهول .. لقيت في راجليين قاعدين .. أول ما شفتهم وركزتا في ملامحهم .. حسيت بي قبضة قووية في نص قلبي وتعابير وشي أتغيرت تلقائيا....

_ويحدث أن يكبر المرء سنينًا في ليالٍ فقط..

ليلة فقدان إحدى الوالدين..

فقدان أخويك...

ليلة خسارتك لذاتك...

ليلة إدراكك للحقيقة....💔!.

أشوفكم.....

حبل الوصالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن