حشر شفاهه بوشاحه الصوفي الرمادي الذي أخفى به رقبته التي تملأها ندبات و أثار ما حصل له بليلة أمس.
بينما يدس يديه بجيبوب معطفه الرمادي، تنفسه يخلف دخانا بالجو البارد، و أعينه تفقدت المطعم تحت الثلج المتساقط، لقد راسله آكسيل بموقع هذا المكان ليلتقيا به، و قد إنتظر خلو المنزل و الحي لكي يغادر فما كانوا الفتيان ليتركوه بعد ما حدث.أعينه كانت مرتخيةً تصف تعباً، رغم عياءه الشديد إلا أن النوم لن يزوره بعد أن قضى طيلة اليوم سابتاً، و ذلك يعني سيكثر التفكير و إسترداد شريط ذكرى ليلة أمسٍ المشؤومة، فخروجه للقاء بشخص جديد أفضل لملئ فراغه.
إستقبله عند دلوفه أحد الموظفين ليخبره بإسم آكسيل وينستون، فأسرع للإشارة له لإحدى الطاولات بعمق المقهى الراقي الذي أعجِب بيلي بتصميمه البسيط.
تيبس لمهلة موقعه يحدق بمن يجلس مرتديا معطفاً أسود و أعينه تراقب ما خلف زجاج نوافذ المقهى بينما يده تحتضن كوب قهوةٍ دافئ.
"اوه" همس بيلي لنفسه أسفل وشاحه تعبيراً عن وسامة الأخر، و لازال يراقب مَن إلتفاتته لنافذة تجعل فكه الحاد واضحاً، تنفس عميقاً ثم أتمم خطواته إليه بإرتباك من لقاءٍ أول.
شعر آكسيل بإقتراب أحدهم من طاولته فألقى نظرةً عفوية ناحيته إلى أن ثبِتت أعينه فوق وجه بيلي الواقف، تنقل بين أعينه صمتاً و بإندهاش طفيف ثم أسرع للوقوف "بيلي؟"
إتسعت بسمة آكسيل و مد يده سريعا لمصافحته فبادله بيلي كذلك بيده المغلفة بقفزات صوفية يصافحه مبتسما "مرحبا آكسيل"..
كانت المصافحة بينهما متوترة قليلاً، يلفّها حرج صامت. تحمحم بيلي بخفة، و أشار له آكسيل بالجلوس. جلس بيلي مقابله، بينما عجز آكسيل عن صرف نظره عنه. شعر بيلي بالخجل، و مع طول الصمت قال و هو يتفقد المكان بنظراته:
"المطعم دافئ"فأومأ آكسيل و شفاهه بسمة لطيفة إحتضنتهم، ما يراه أمامه لا يساعد.. ود التوقف عن الإبتسام كالأبله لكن وسامته تجعل ذلك مستحيلا.
بيلي ردّ أعينه لوجه آكسيل ليرمش الأخير بحرج يقول:
"ء- تود شرب شيء؟" مد آكسيل قائمة المشروبات لبيلي الذي أمسَكها متمتما بالشكر و بدأت أعينه تتفقد الأصناف، تحت نظرات آكسيل حتى رفع بيلي أعينه مجددا لوجهه و قال:
"مشروب الكاكاو الساخن"تبسم آكسيل بإتساع ثم رفع يده لمناداة النادِل و قول طلبه له، ثم غادر سريعا لتلبيته.
إلتقت أعين كليهما مجددا، ثم إندفع آكسيل إلى الطاولة يلف قبضتيه حول كوب قهوته يقول:
"لم أتوقع أن نلتقي سريعاً، لكنني سعيد بهذا"إبتسم بيلي بخفةٍ يجيب، "أنا كذلك"
"كيف حالك الأن؟" أومأ بيلي أنه بخيرٍ، و بعدها أطرق آكسيل نظره لجانب شفاه الأشقر.
