بسم الله الرحمن الرحيم
ظلام دامس يغمر الأجواء، أصوات طيور الليل تجتمع سويًا في تلك الليلة لتخلق سيمفونية تبعث الرُعب في النفوس، وبأحد الأحياء الفقيرة داخل الإسكندرية، نجد بناية لم يكتمل بناءها بسبب شدة الفقر، حتى أن الجرذان كانت تقطن مع سُكان هذه البناية وتتخذ من تلك التشققات بيوتًا لها ...
أجواء مهيبة تُحيط بتلك البناية مع هذه الإضاءة الخافتة المُنبعثة من القمر والتي بدورها أضافت رهبة على المكان فوق رهبته، فكأنك إذا خطوٌت قُرب تلك المنطقة فلن تخرج سالمًا أبدًا، فأما يقتلك أحد المجرمين أو ينهبك أحد اللصوص...
أما داخل البناية، فكان الوضع يختلف تمام الإختلاف، فلايزال يوجد العديد من التشققات التي سمحت للحشرات بالتوٌغل داخل المنزل والعبث به، وكان يوجد بعض الأمتعة المترامية في الأركان منها بعض الأدوات البالية، فهناك بَبور مهتريء يلتف حوله بعض الرجال لإعداد الشاي، وهناك سُفرطاسٌ على إحدى الأركان وهو عبارة عن أواني معدنية يتم وضع الطعام بداخلها، وغالبًا ما تُستخدم لتقديم الطعام عند زيارة أحدهم بالزنزانة ...
أما بمُنتصف البناية، فكان صوت الصياح يتغلغل آذان الجميع ويطغي على سكون تلك المنطقة، فكان هذا الرجل الذي يبدو بالعقد الخمسين من عُمره يتمسك بتلابيب أحد الرجال الذي يبدو عليه بأواخر العشرين، وعلى الرغم من ذلك لم يستطع الإفلات من قبضته بسبب نحالة جسده وملابسه البالية وعينيه الداكنة المتوٌسلة :
- والله يا معلم أنا عملت إللي قولتلي عليه
زادت هذه الكلمات من غضب الرجل المُمسك به والذي يُدعى بشفيق، فكان يهزه بحدة هادرًا بنفاد صبرٍ من ذاك الذي دائمًا ما ينعته بالفشل والحماقة :
- أعمل فيك إيه ... نفسي أعرف أنا مشغلك معايا ليه ... بقى أنا أبعتك تسرق راجل كُبارا من غير ما يكون في حراسة في القصر بتاعه ... وفي الآخر ترجعلي بمستيكة وكراميلا !! ...
هتف بآخر كلماته وهو ينتشل تلك الحلوة التي من المفترض أن يسرق الأموال بدلًا منها، وما زاده غضبًا هو رد القابع بين قبضته والذي كان مُقتنعًا بعدم ارتكابه لتلك الحماقة، حيث كان يهتف بثقة لا يعلم من أين اكتسبها :
- يا معلم ما إنت قولتلي متخليش حد ياخد باله إنك سرقت ... عشان كدة مقربتش ناحية الخزنة إللي مليانة فلوس عشان محدش ياخد باله إني سرقت منها
تفاقمت شُعلة الغضب بداخل شفيق مما جعله يصفعه بغلٍ ويقول بنفاد صبرٍ من ذاك الأحمق :
- كان قصدي متسيبش بصمات .... يا أخي هتكرهني في الشغلانة وهتخليني أتوب
بقي يصفعه ويمسكه من تلابيبه بهزاتٍ عنيفة وهو يواصل الحديث بغضب :
- يعني أبعتك تسرق حضانة ... ترجعلي بشوية لعب ... أبعتك تسرق عربية تقولي مبعرفش أسوق ... أبعتك تسرق في الشارع تروح تستأذن إللي بتسرقه ... يعني أوديك فين ... أوديك فين بغباوة أهلك دي ...
أنت تقرأ
أرواح ضائعة " أرواح متنقلة 2 " ( مكتملة )
Fantasíaتخيل أن تستيقظ في جسدٍ ليس جسدٍك، ومنزلٍ غير منزلِك، بل وحياتك مُعرضة للخطر بسبب ذاك الجسد الذي لا تعلم لمَ تتلبسه، ما تعلمه فقط أنك يجب أن تعود إلى حياتك لتخوض رحلة شاقة هدفها فك هذه اللعنة التي تجعل صاحبها يتنقل بروحه ويتبادل مع العديد من الأجساد...