الفصل الثالث ( طلق !! )

723 62 1
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

" لعل الله يُدبرها لك بأفضل مما تتخيل "

__________________________

إحذر من أن تضحى سببًا في تحويل الطائر الجريح إلى وحشٍ كاسر ...

ظلام دامس طغى أركان هذه الحُجرة القابضة للأرواح، فلا يوجد هنا سوى شياطين الإنس من شتى البُقاع، لا يوجد سوى تلك الصوٌر الغامضة المُرعبة التي تحف الجُدران السوداء وتلك الطاولة التي تنتصفها.

وجوه جامدة لا تحمل أيًا من المعاني اجتمعت أمام تلك الطاولة استعدادًا لمناقشاتهم الدائمة والتي لا تُخلف وراءها سوى الفساد والدمار، فكيف لنفسٍ بشرية مُحملة بالضغينة أن تضحى سببًا بإصلاح العالم ؟

صوت حذاءه الأسود يخترق آذانهم وهو يطق بأقدامه داخل هذه الحُجرة كي يقود هذا الإجتماع، فدائمًا ما يتأخر عليهم ويتركهم ينتظرونه أكثر من ساعة أمام تلك الطاولة، ولا يتأخر بسبب مشاغل الحياة، بل هو يتعمد التأخير رغبة في جعل الجميع ينتظره بدلًا من أن ينتظر هو المتأخرون.

أزاح أحد المقاعد المترأسة للطاولة كي يجلس عليها ويتقدم بجذعه بنظراته المقتضبة المماثلة لنظراتهم، فكان إيزاك أول من بدأ الإجتماع بقوله المُتذمر باللغة الأجنبية :

- يمُكنني ترأس تلك الإجتماعات طالما أن مشاغلك تمنعك من المجيء في مِعادك

كانت الغيرة بادية على صوته بسبب رغبته الشديدة بتوٌلي عرش القيادة، لولا هذا الذي حظى على النسبة الأكبر من التصويات لما كان بداله يجلس على هذا المقعد ويتبختر أمامهم.

رد عليه طلال ببروده المُعتاد :

 - يُمكنك أن تنشغل بتنظيف المكتب إذا اغتابك الملل مجددًا

صك إيزاك على أسنانه بحدة كاد يهب معها ويهتف بوجه كُتلة الثلج هذه، لولا يد فيرناندو التي أطبقت على رسغه حتى يبقى على مقعدة ولا يُدمر الإجتماع بجداله؛ عاد إيزاك موضعه يكبح جماح غضبه أمام طلال الذي بدأ الحديث بقوله :

- كما تعلمون أن ضُرغام قبل وفاته كان يتحدث عن أولئك الذين تتنقل أرواحهم 

أرخى ستيفن ظهره وهو يُجيب ببرود :

- نعم ... لكنه لم يستطع حتى هزم أولئك الحمقى

كانت السُخرية تُلطخ كلماته مما جعل طلال يهتف بثقة :

- هذا لأنه سلك طريقًا خاطئًا .... نحن لا يجب أن نضحى مثل المتنقلون

أرواح ضائعة " أرواح متنقلة 2 " ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن