متذمر يهذي

9 2 0
                                    

أريد المضي قدما، لكن إلى أين، لازلت أعيش طيات الماضي، في كل نقطة أجد ذكرى قديمة، ليست بالضرورة حزينة،

لكن فقدانها، جعل لكل الذكريات لونا رماديا قاتما، حتى الجميلة منها والتي لم تخلو من القهقهة والضحك، أصبحت تبدو باهتة لي،

والأسوء من هذا أني أعلم في قرارة نفسي، أنها قد لا تتكرر مجددا في قادم الأيام، فكل واحد اتخذ سبيلا يمضي به، بينما لازلت أنا في مكاني،

لازلت أتذكر كل زقاق مررنا به، كل حدث استثنائي، مخالف للمعتاد وقع لنا، كل كلمة كان لها وقع في نفسي، سواء إيجابيا أو سلبيا

حنين إلى الماضي، ندم وحسرة على ما مضى، اختيارات خاطئة كانت في غير محلها، نتج عنها واقع اليوم الذي أعيشه،

بينما الملاحظ أن الكل يتقدم بثبات، أجد نفسي بخطوات بطيئة أتمشى، ورغم ذلك أفقد توازني وأقع، ثم أجد أنه علي النهوض من جديد، والسير والعمل من جديد،

لا أعلم إن كنت حاليا ملقى على الأرض، أم أنني أحاول النهوض، أو أنني أسير بتلك الخطى الثابتة، رغم ضآلتها إلا أنها أفضل من أن أقف دون أن أحرك ساكنا،

لا أعلم إن كنت أتقدم أم أنني واقف حاليا، تيه جسدي، وعقلي ونفسي، لم أعد أعلم ما الذي أرغب به بالتحديد بعد الآن، أي هدف أسعى إليه، كأن الزمن توقف عندي،

ما الذي أصبو إليه بالتحديد، هل هي الحرية، أم العبودية بمفهومها الجديد، هل التستر والإختفاء أم الشهرة وسط جمع من القطيع،

أعلم أنني مختلف، ليس شكلا، بل مختلف فكرا، لكن لا أعلم هل أنا مختلف للأحسن أم للأسوء، أكره أن أكون مجرد رأس منحني وسط القطيع أبحث عن المرعى هنا وهناك، وما إن أجده حتى أنحني برأسي لتناوله دون اكتراث لما حولي، حتى لو كانت إحدى الذئاب بصدد الانفراد بأحد رؤوس القطيع مفترسة إياه،

لا أحد يحرك ساكنا، الكل منغمس في أمره، حتى الراعي لا أعلم إذا كان غير مدرك أو غير مبالي، وشخصيا أرجح بأنه غير مبالي، حتى وإن مات رأس من القطيع، فلازال يملك الكثير تحت يديه،

أنا لا أهذي حاليا، بل هذا حالنا، كل كلمة أكتبها لها معنى بالنسبة لي، وإن أنت غير مدرك له، فأنا أعتذر منك، فأنا بالأساس أكتب لأعبر عن ما بداخلي، أما مسألة فهمك من عدمها، يبقى أمر راجع لك، لا يسعني التدخل فيه،

يكفيني ما أنا بصدده، وحدي أمام الكثير، أولهم نفسي التي تجرني للهاوية، ليس كأنني لا أقاوم، لكن لا أعلم من المتفوق حاليا، أفكار بالية، قديمة، لا تسمن ولا تغني من جوع، بدون منطق أو مرجع، تحتمي فقط برداء التعصب الذي تتزمل فيه مختبأة وراء حامليها، ومجتمع من القطيع (إلا من رحم الله)، يعيش في دوامة الحياة، بين أكل وتكاثر ثم وفاة، دون نظرة تأملية واحدة للحياة،

لا تفكر كثيرا، فالعالم يجري، وإن لم تدرك الركب، سيتخلون عنك في الخلف، ويعميك الغبار المتخلف وراء ركضهم،

لذلك عليك أن تدركهم، لا يهم كم من شخص تعرقل أمامك حتى تتقدم عليه، أو كم من شخص تطرحه أرضا لتبلغ مبتغاك، المهم أن تركض دون تضييع الوقت أو تفكير،

لأنك إن فكرت ربما تسأل نفسك، هل ما أقوم به على صواب؟ هل أعي ما أقوم به؟ ونحن لا نريدك أن تتأخر عنا، بل نرغب بك أن تكون معنا، واحدا من القطيع.

متناثراتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن