قطعة أحجية

6 1 0
                                    

لكل منا أحجية خاصة به، وكل واحدة تختلف على الأخرى، لكل منا صورة خاصة في النهاية حينما يكمل قطع الأحجية الواحدة تلو الأخرى، لا نعلم الصورة التي نحاول تجميعها كما لا نعلم عدد قطع كل أحجية من إنسان إلى آخر،

لطالما كنت أعمل على الخاصة بي دون أن أدري، وعلى اعتبار أن المعظم يعتمد على نفس المنهج عند محاولة حل أي أحجية بصفة عامة، حاولت البحث عن قطع الحواف في الأول، معتقدا أن إيجادها كلها وتركيبها بجانب بعضها البعض، سيجعلني أدرك حجم الصورة ككل، وسيسهل علي جمع باقي القطع،

بدأت بالبحث عنها وتجميعها، حتى اعتقدت أنني حصلت عليها كلها، أخذت أضع كل واحدة في مكانها، كان الأمر مملا نوعا ما، لكنني حاولت الاستمتاع قدر الإمكان، وما زاد من سلاسة مرور الوقت، أشخاص كانوا بجانبي يحاولون مع أحجيتهم الخاصة أيضا، فكنا نركز في التركيب تارة، ونتحدث ونتسلى فيما بيننا تارة أخرى،

لكن في النهاية وجدت أن قطع الحواف نفذت مني قبل أن أكمل إطار صورة الأحجية، لابد من خلل ما،
كيف يعقل هذا، هل القطع ناقصة، لايمكن، فلم يأخذ مني أحد أي قطعة، وهاته القطع فقط هي التي توجد في العلبة، إذن ربما أخطأت في التركيب، تحسرت مع نفسي لبرهة، خاصة عندما وجدت أن البعض من حولي على ما يبدو أنهم أكملوا قطع الإطار الخاص بهم،

ارتأيت أن أحمل القطع وأبتعد عنهم قليلا، حتى يتسنى لي التركيز على أحجيتي فقط، فككت قطع الحواف، وأنا أحاول تركيبها من جديد، كما بحثت في العلبة، ربما أكون قد نسيت بعض القطع هناك،

وبينما أنا أبحث، أخذت إحدى القطع في يدي، لكن لا أعتقد أنها تنتمي للحواف، بل هي ربما من القطع التي توجد في وسط الصورة، وضعتها في الوسط مؤقتا، دون ربطها بأي قطعة أخرى بجانبها ما أراه أمرا طبيعيا جدا،

كيف لي أن أركب قطع الوسط وأنا لم أحدد الإطار بعد، كيف لي أن أعرف إلى أي جانب تميل تلك القطعة بالتحديد، وجدت أن الأمر معقد، فوضعتها في الجانب على الطاولة، ليس لعدم أهميتها، وإنما ليس الوقت المناسب لوضعها بعد،

وفي لحظة غضب وتوتر من طرفي بسبب عدم مقدرتي على الإنتهاء من الإطار بعد، نهضت بقوة لآخذ استراحة، ما سبب تزعزع واهتزاز الطاولة، فسقطت مني تلك القطعة،

بدأت في البحث عنها، لكنني لم أجدها، لا أعلم أين وقعت بالتحديد، ما زاد من قلقي، فكيف يسعني الآن أن أكمل أحجيتي وإحدى القطع ناقصة، هل ربما أكمل بدونها؟ لكن ستبقى الصورة ناقصة، ربما لن أحتاجها؟ كيف ذلك إذن لماذا وجدتها وسط القطع،

بالفعل أنا لا أعلم كم من قطعة أملك ولا يمكنني عدها، ولا أعلم الصورة التي أعمل عليها، ربما لن أحتاجها بالفعل، لكن لحد اللحظة لا يمكنني التأكيد على ذلك لأنني لازلت أكتشف ملامح أحجيتي

غريب هذا الأمر بالفعل، أن تجد قطعة معينة في لحظة من الزمن، من الذي كان بحاجة إلى الآخر حينها، بكل بساطة قطعة أحجية واحدة وقعت في مكان مناسب لها، لكن غالبية الصورة لم تكتمل بعد،

فهل أكون عاطفيا، وأركب باقي القطع حولها، أم أظل عقلانيا وأتبع المنهج المعتاد في حل الأحجيات، لكن ماذا لو لم أجدها عندما أصل لمكانها،

هل بوسعي التخلي عنها، أو تعويضها، لا أعلم ما تحمله باقي القطع ولم أطلع عليها كلها بعد، لكن هذا لا يستبعد احتمال أن أجد قطعة تعوضها، ما بين هذا وذاك، لازلت لم أبلغ تلك النقطة لأحسم في الأمر، فلازال أمامي الكثير من القطع والوقت حتى أتمكن من الكشف عن ملامح صورة أحجيتي أولا،

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 19 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

متناثراتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن