لا أرغب بأن تنتهي هذه السويعات، ففيها أشعر بأنني حر، دون قيود، دون حسيب أو رقيب إنسي حينها ترتخي تلك القبضة الخانقة، وأقدر على أخذ نفسي،
أخاف من يوم غد، أخاف من سؤال مباغت، لا أعرف جوابه، أخاف أن يوجه الحديث لي، أمضي يومي وأنا أراقب لساني والكلمات التي ينطق بها، حتى لا تكون سببا في تعقيب لا أريده، حتى لا تكون سببا في إشعال فتيل موضوع لا أستطيع إخماده،
هل لي أن أقول الحقيقة أم أكذب، لذلك أفضل الهروب، أفضل أن أهرب من حركة النهار إلى سكون الليل، من ضجيج وكلام إلى صمت وسلام
أجد نفسي وحيدا بين جدران أربعة، كل ما أملك كلمات تجول في ذهني محاولة الخروج من مخيلتي على شكل كتابات، دائما ما تؤرقني فليس بوسعي دائما أن أظهرها،
عن أي شيء سأكتب، لا معنى لهذه الكلمات، لا مراد يستفاد منها، فأنا الشيء ونقيضه معا، مسلم بالفطرة، وعلماني التكوين، أنا خير وشر يتصارعان في داخلي، على اعتبار أن الخير خير والشر شر،
لماذا أنا هكذا، لم أخلق هكذا، هل أنا اخترت أن أكون على هذه الشاكلة، هل هو صراع في داخلي، أم مجرد هوس مرضي، دائما ما أتساءل لماذا أنا لوحدي، هل أنا اخترت أن أكون هكذا، أم أن الأمر فرض علي أو ربما لم أجد من يخرجني من تلك الوحدة، هل علي الانتظار حتى يتقدم لي شخص ما ليخرجني من هذه الهالة، أم أنا الذي يجب عليه القيام بالخطوة الأولى خارجها،
حاولت أن أقوم بالخطوة الأولى من قبل، لكن لم أشعر بأنني أنا، لم أكن على سجيتي، حاولت الانتظار أن يتقدم شخص نحوي ليأخذ بيدي ويجرني، ظللت هنالك وحيدا، حتى لم أعد أستحب الخروج من تلك الهالة، هل أنا على صواب، أم أنني سأظل مجرد متذمر يهذي،
لا أعلم، لم أعد أعلم أي شيء، لا أقدر على اتخاذ أي قرار، لا أقدر على تحليل أي مشكل، لم أعد أستطيع التفرقة بين الصواب والخطأ في بعض الأمور،
كيف يمكنني التمييز بينهما، لابد من مرجع، لكن إذا كنت سأتبنى مرجعا، لماذا لا أستطيع اعتماده في كل المشاكل، لماذا يجب علي أخذه حين أريد، وتركه حيثما أريد،
لماذا علي أن أكون منافقا وخادعا حتى أعيش بسلام، لماذا لا أستطيع أن أكون أنا، لماذا لابد أن أبقى وسط ذلك الإطار دون محاولة الخروج منه، لماذا لا يسعني توسيع حدوده، لماذا... لماذا... لماذا... لماذا...
كم من سؤال في عقلي، أسئلة لا تفسير لهم سوى أنني مختل عقلي ربما، ليس تعقيدا مني للأمور، لكنني أنظر إليها على هذه الشاكلة، لا أعلم مدى صحتها، لكن لا يسعني سوى تحليلها بهذه الطريقة،
ليت ذلك الضجيج في داخلي يسكن، كم أتمنى أن تهدأ تلك الأصوات حتى أقدر على إيجاد نفسي،
حوار يدور في عقلي بين مجموعة أشخاص حول طاولة مستديرة، لكل منهجه، لكل مرجعه، لكل أهدافه، ويتحدثون في آن واحد، دون احترام أي آداب حوار، كل موضوع طرح أمامهم، لكل منهم موقفه، والكل يرغب أن يبدي رأيه فيه، قبل المرور لطرح آخر