الفصل38 العَينُ بالعَينِ

15.7K 453 25
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الثامن والثلاثون"

                 "يــا صـبـر أيـوب"
         ___________________

إلهي ما رفعت يدي إلا
إليك فأنت أقرب من وريدي

وأنت الله علَّام الخفايا
وما في النفس من وقعٍ شديدِ

وتَعلم أنني بين الرزايا
بعيدٌ عنكَ، أشبه بالفقيدِ

إلهي ما عصيتُك مُستخفًّا
ولكن كان من جهلٍ عنيدِ

ألا فارحم ضعيفا جاء ذلًا
لبابكَ يا قريبُ من البعيدِ

فلا باب كبابك يا رجائي
تعلق فيه آمال العبيدِ

_"عمر العيسى"
_________________________________

_ كيف لمن أعتاد أن ينتصر في كل الحروب أن يهزم بنظرةٍ واحدة صادقة؟
كيف لفارسٍ مغوارٍ لا يُهاب الموت يقف أمام احداهن ويقدم قلبه لها خاضعًا بكل هيبته؛ لقد رأيت ذات مرةٍ مقولة تقول "اصنع لأجل حُلمك حربًا"
والآن من بعد هزيمتي أمام عينكِ، أعلنت كل الحروب دُفعةً واحدة فقط لأجل عينين سردت قصة الوطن وأعطتني الهوية في حين كوني غريبًا، فغدوت في حضورهما آمنًا من بعدما تشبهت في غيابهما بالفقيد، الآن من بعدما أعلنت أنني هُنا، فهيا بِنا لنقم الحرب؛ لأبدأ من جديد في وطنٍ لم يكن عني غريبًا، بل كنتُ أنا عنه ضائعًا.

       <"يحمل الفأس بيده ليحفر لنفسه قبرًا">

نظر "يوسف" إلى "رهف" التي حركت كتفيها بحيرةٍ وكأنها تخبره عن عدم معرفتها بالأمر فتحدث "يوسف" باستفسارٍ أخرج نبرته جامدة:

_مين إن شاء الله ؟؟ المفروض إن إحنا التلاتة ومعانا "رهف" مقدمة العرض ومجهزاه.

دلفت "شهد" في هذه اللحظة تقول بزهوٍ في نفسها:

_أنا !! أنا يا أستاذ "يوسف".

حرك رأسه نحو مصدر الصوت وكذلك "رهف" بينما الأخرى وقفت بشموخٍ لا يليق بصفاتها تطالعه بتحدٍ جعله يحرك رأسه نحو عمه الذي حرك رأسه للجهةِ الأخرى وكأنه يسأله بنظراته، هل تريد المزيد ؟ بينما الأخر تهجم وجهه وحل عليه الوجوم ويبدو أن الراحة لم تعرف طريقه، أو هو الضائع من نفسه فأين درب من ضَيع ذاته؟ التحمت نظراته بنظرات "شهد" التي وقفت أمام الجميع بزهوٍ ثم اقتربت من الطاولة تقول بآسفٍ نبرته جامدة وكأنها أشبه بالإنسان الآلي في طريقتها:

_متآسفة جدًا بس الطريق كان واقف، أتمنى مكونش عطلتكم.

تحدث "عاصم" بنفس الهدوء الفاتر القاتل للأعصاب:

_ولا يهمك، اتفضلي اقعدي يلا علشان نبدأ.

سحبت المقعد المجاور لـ "سامي" وجلست عليه بشموخٍ وبدأت مهمة التعريف عن نفسها وهي تقول بابتسامةٍ عملية في وجه الجالسين على الطاولة وهي تتعمد النظر إلى "يوسف" بطرف عينها متعمدة الاتكاء على أحرفها:

  غَوثِهِمْ &quot;ياصبر أيوب&quot; الجزءالأول بقلم شمس محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن