الفصل71 الرحلة لم تبدأ بعد

12.3K 359 21
                                    


"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الواحد والسبعون"

                   "يــا صـبـر أيـوب"
              ____________________

علا صوت الفؤاد باكيًا وهو يشكو
ومن غيرك يا مولاي يسمع الشكوىٰ..

توهت في الدُنيا وضاع مني الأمان
فعدتُ لكَ راكعًا أبحث عندك عن المأوىٰ..

ربي إن كل الحُب دون حُبك لا يُجدي
وماهو الحُب إن لم يكن حُبك وماهي الجدوىٰ..

ربي إن الفؤاد عاصيٌ يُحب الهوىٰ
وآسفى لكَ إني ضعيفٌ والقلب مني يهوىٰ..

_"غَـــوثْ"
__________________________________

كل العالم لم يَكُن هو العالم من غيرها..
وماهو العالم إن خلا يومًا من حضورها؟
فحتى النفس لم تكن نفسًا إن لم تكن في مكانها،
ولا أنا حتى أنا إن لم أكن موجودًا لأجلها..
فأنا وإن ضِعتُ مني سأكون حتمًا حاضرًا في جفونها
أنا المرء الشريد تغربت حائرًا أبحث عن مكاني،
ولم أجد المأوى إلا بين جفونها..
فلقد سمعتُ عن ذراعينِ يحتضنا المرء،
لكن لأول مرةٍ تحتضني الجفون
وأنا أراني في عيونها،
وحينما سُئلتُ كيف وصلتُ لطريقها،
كان الجواب أن كل الطُرقِ ضياعٌ إلا طريقها.

    <"الصبر مفتاح الفرج، والهدوء باب الأخلاق">

هتفت "فاتن" حينها بلهفةٍ بعدما عاد لها الأمل من جديد بشأن أسرة أخيها الفقيد:

_ياريت يا "مادلين"، عارفة أنا إيه اللي مخليني أبعد عن "يـوسف"؟ هو إني واثقة إنه مرتاح مع أمه واخته وعيلته، "يـوسف" الروح رجعتله من تاني برجوع أمه وأخته.

في هذه اللحظة فُتِح الباب عليهما وصاحب الفعل يسأل بنبرةٍ هادرة قتلت الاثنتين محلهما:

_مين دول اللي عايشين ؟؟ ومين اللي قالكم؟..

الآن فقط يدرك المرء أن الموت ليس فقط في الجسد أو بالإصابة إنما هناك قتلٌ من نوعٍ أخر، وهو القتل الغير رحيم خاصةً مع السهام الحادة المطلوقة من العينين الحادتين نحوهما، لقد وقف بالخارج يستمع لحديثهما كاملًا بعدما أراد أن يلج لأمهِ؛ لكن الحديث ثبته محله وقد تسمر بالأرضِ مكانه ما إن وصله هذا الحديث لتقوم "فاتن" من محلها بجسدٍ أرتجف كُليًا وقد أصبحت قدماها مثل الهُلام الضعيف لم تقوْ على حملها، بل كأنها ضُربت فيهما حتى شُلت عن الحركة تمامًا..

وقف "نـادر" يسألها بعينيهِ عن مقصد حديثها فيما ركضت "مادلين" نحو باب الغرفة تُحكم إغلاقها ثم هتفت بنبرةٍ أظهرت عُجالتها في الحديث وهي تهتف بلهفةٍ:

_"نـادر" !! لو سمحت ياريت نتكلم بالهدوء والراحة علشان محدش يعرف حاجة وياريت اللي سمعته دا محدش يعرفه أصلًا، فيها أذىٰ لمامتك دي، علشان خاطري.

حرك رأسه نحو والدته التي وقفت أمامه خائفة من رد فعله وكأن الكذب حتى فَلَّ عنها وتركها أمامه ضائعة وهو يرمقها بهذه النظرات وما إن رأى الخوف في عينيها أقترب يسألها بنبرةٍ جامدة:

  غَوثِهِمْ &quot;ياصبر أيوب&quot; الجزءالأول بقلم شمس محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن