الفصل49 كَف "أيوب"

13.2K 410 1
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل التاسع والأربعون"

                  "يــا صـبـر أيـوب"
          ___________________

_أتيتُ يا خالقي أخبركَ أنني ضعيفٌ
والدرب يقتلني وظلامه مُخيفٌ

_أتيتُ من وحشةٍ تفتك بروحي
أتيتُ وأنتَ وحدكَ مداوي جروحي

_فبرغم أني عاصيك إلا أن عفوك
يُطمئن روحي
وبرحمتك هدأ وجعي وطابت جروحي.
__________________________________

أعتدتُ أن أكتبُ لكِ وأخبركِ بما أشعر به
لكن هذه المرة لاحظت أن الأمر أصبح أكثر خطورةً من السابق على نفسي،
فالأمر تخطى مجرد مشاعر الحب ليصبح
أشياءً أخرى أعجز عن وصفها،
وعند التمعن في فِكري أتذكر إنكِ لم تُري بعين البصر بل
وجدتكِ بعين البصيرة،
تحديدًا أنا من تم وصفه من قِبل العرب قديمًا:

"مَطروفُ العَيْنِ بِفُلانةِ"

وإذا أردتي معرفة الوصف فمقصده هنا:

" أنه لا ينظر إلا لها"
وفي حين بصري وبصيرتي استقرا عليكِ، فأود أن أكررها عليكِ أنكِ أنتِ من بين سائر البشر وكل النساء، أنتِ وحدكِ من بين الجميع استثناء، استثناءٌ صفا له القلب ورآكِ بعينيه وسبحانه من جعل القلوب للقلوب تصفو.

              <"عاد النور لدربنا المُظلم">

لم تكن صدمة بقدر ما كانت دهشة، دهشة غريبة تشبه فرحة الخائف عند شعوره بالاطمئنانِ، كونكَ غريبًا لم تنتمي لأي شيءٍ وفجأة أصبحت تملك كل شيءٍ، صوتها أرسل له غُمرة انتشاء جعلته يتنفس لأول مرّةٍ، تاه في رحلة ذكريات أعادته هي منها حينما قالت بنبرةٍ باكية تتهرب من التعرف على صوته برغم صدقها للهفته:

_ألو !!

انتبه لها من جديد وأخفض رأسه نحو "عادل" الذي احمر وجهه لدرجةٍ قاتمة وشبه توقفت حركة أنفاسه وتشتت حال "سراج" في الحال مابين هذا الذي أوشك على لفظ أنفاسه الأخيرة وكأنه قاب قوسين أو أدنى من الموت، وتلك التي تحدثت من جديد تتوسله باكيةً بقولها:

_"سراج" الحق بابا علشان خاطري، أبوس إيدك ألحقه أنا ماليش غيره…علشان خاطري.

بكت بصوتٍ متقطعٍ أعاده لرشدهِ وجعله ينتبه لما يتوجب عليه فعله فهتف بلهفةٍ يُطمئنها بقولهِ:

_متخافيش متخافيش، أنا معاه ومستحيل اسيبه.

اعتصرت عينيها بقوةٍ تضغط عليهما تُحد من البكاء وتحاول رسم صورة هادئة وسط زحام عقلها بأفكارٍ مشوهة تفتك بها بمجرد التخيل فقط، فماذا إذا حدثت؟ أغلق "سراج" الهاتف ووضعه في جيب بنطاله ثم رفع ذراع "عادل" يطوق به رقبته ليقوم بعدها برفعه بمجهودٍ بدا شاقًا عليه، لكنه حاول فقط لأجلها هي وهو يقوم بإسناد الأخر عليه.

وصل به إلى البوابة الحديدية القصيرة ورفع صوته يُنادي على حارس بيته الذي خرج من الغرفة الصغيرة المُلحقة ببيته وركض إليه بملامحٍ ناعسة جعلت "سراج" يقول بأسفٍ من موقفه:

  غَوثِهِمْ &quot;ياصبر أيوب&quot; الجزءالأول بقلم شمس محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن