عاد (زياد) إلى منزله ودخل إلى غرفته مباشرة ليسْتَكمِل قراءة مابدأه البَارِحة، كانت هناك فكرة بدأت تسيطر على تفكيره وهي أن أمرًا غامضًا يخصُّ ذلك المنزل، ولابد أن يعرفه حتى يدرك ما هو على وشك التعامُلِ معَهُ.
بدَّل ملابسه وأخرج الكُرَّاس وتابع القراءة،
وقَفْت أرقُبُه حتى انتهى وما إن لمحني حتى تشكل في هيئته البشرية ونظَرَ إليَّ قائلًا:
- أظن إن من حقك بعض الإجابات.
دخلتُ الغرفةَ وأغلقتُ البابَ وقُلتُ: بيتهيألي كده.
جَلَسَ (حمزة) مترَبِّعًا على الأرض وطلب مني الجلوس فجلست أمامه وبدأ يحكي:
- في البداية لازم تعرف إن أنا مخطَّطِّش أبدًا للأمور إنها تمشي بالشكل ده، ولكن حصل هجوم النهاردة على القصر وأنا أصبت واضطريت إني أهرب، استخدمت تعويذة للاختفاء، بس طبعًا مش هتستمر فترة طويلة وكان لازم ألجأ لواحد منكم علشان يخفيني فترة أطول.
- منَّا دي، تقصد بيها البشر.
- بالضبط.
- ليه منَّا؟ ليه مالجأتش لواحد من الجن الأقوياء اللي ممكن يحميك؟
- الموضوع مش متعلق بالحماية، إنما متعلق بالاختفاء، والميزة دي مش هيعرف يقدِّمهالي غير واحد من البشر.
- بردو مش فاهم!
- الموضوع ببساطة إن في بعض الأمور اللي ممكن يقوم بيها أفراد الجان بالنسبة ليك ممكن تتخيلها خارقة، ولكن في نفس الوقت في بعض الأمور اللي مينفعش حد يعملها غير بشري، البشر لو معاهم التعويذة المناسبة والأدوات المطلوبة قوتهم بتفوق أحيانًا الكثير من الجن، تعويذة الاختفاء دي ببساطة بتمنع أي أحد إنه يتعقبني ويحدِّد مكاني، أي تعويذة هقوم بيها هيكسرها واحد من العلماء بتوعنا، أما التعويذة اللي قمت انت بيها مش هيعرَفوا يحدِّدُوها أو يحدِّدُوا مصدرها علشان يقدروا يكسروها، عشان كده اضطريت إني ألجأ ليك، وأقدر أقولك إنك أديتها بمهارة عالية بالنسبة لواحد أول مرة يؤدي تعويذة وخفيت المكان عن أي فرد من الجن.
- يعني إحنا كده هنا في أمان؟
- أكيد طبعًا، أنا عمري ما كنت هاجي هنا إلا لو أنا عارف إني هأمِّنك كويس جدًا.
-طاب وانت مين اللي عمل فيك كده؟
- دي قصة طويلة إلى حد ما، بس انت ليك حق إنك تعرفها.
وأخذ يشرح لي أن الجن موجودون بطبيعة الحال على الأرض قبل أن يهبط عليها (آدم) أبو البشر وأنه كما فيهم الصالح فمنهم القاسط والفاجر وكما فيهم المؤمن ففيهم الكافر وأن الجن لهم أشكال متعددة وأنواع كثيرة فمنهم القوي ومنهم الأقوى كما أن منهم الشياطين نسل إبليس الملعون، وأن تاريخهم مليء بالممالك التي كان بعضها قائم على العدل والكثير منها كان قائمٌ على القهر والظلم وأن أقوى ملوك هذه الممالك كان (طيطائيل) والذي كان شيطانٌ قوي جدًا استطاع أن يصنع أحد أقوى الأسلحة التي تواجدت في تاريخ الجن كتب عنه أنه (صولجان الموت) أباد به عشائر كاملة من الجن بهدف إخضاع البقية، وكان أول ملك يستطيع أن يسيطر على غالب عشائر الجن، وكان من يرفض الانصياع لأمره يعيش مطاردًا وخائفًا ومتخفيًا، حتى استطاعت بعض هذه العشائر الرافضة لحكمه أن يصنعوا سلاحًا مضادًا بمعاونة بعض البشر الذين كانوا مهرة في مجال السحر، واستطاعوا أن يستدرجوه بمعلومات مضللة لمكان السلاح حيث تم إعطاء الإشارة لسحرة البشر أن يقوموا بتفعيله، وبالفعل تم تحطيم الصولجان إلى ست قطع فأصبح غير فعَّالًا مما مكَّن فرسان ستة من عشائر مختلفة من حصار (طيطائيل) وهزيمته إلا أنهم لم يستطيعوا قتله كونه محصنٌ بسحرٍ قويٍّ لم يستطيعوا كسره، كما أنهم لم يتمكنوا من تدمير الصولجان بشكل نهائي فتم حبس (طيطائيل) في مكانٍ سريٍّ لم يعرفه سوى عشيرة واحدة من الجن وتوزيع قطع الصولجان الست على عشائر الجن التي لم تخضع له.

أنت تقرأ
ميثاق
Horrorأخذ يُقَلِّب الدِّماءَ مع رَمَادِ الورقة ثم سَكَبَها على يده اليمنى وطلب من (زياد) أن يمد له كفَّهُ اليمنى وأطبق عليها بكَفِّه المملوءة بالدماء وأخذ الخليط يتساقط من كفَيْهِما وقال: ردد معي ما أقول.. بسم الله الملك.. قاهرِ الجبابرة.. ومالكِ الدنيا و...