"لا يمكن لهذا أن يحدث يا سيدي"
قالها (آزريل) بانفِعَالٍ وهو يخاطب أخيه الملك (عدنان) وتابع:
- لقد ثَبَتَ أن (زوردان) يتعامل مع (شيمزاكيل)، وأنت بنفسك كنت تريد قتلَهُ لولا أنه ابن عمك، فكيف تطلق سراحه الآن في هذا الوقت الخطير.
قال الملك:
- هذا هو الحل الوحيد لاستعادة السيد (زياد) سالمًا، هناك سببان مُهِمَّان للغاية لإطلاق سراحة، أوَّلهما أنني لن أسمح بأي شكل من الأشكال أن يُحكى أن ضيف الملك من عالم البشر تم قتله في عالمنا وفي منطقة نفوذنا، وثانيهما وهو الأهم: أن قتلَهَ على يد أحد أفراد الجان وفي مقدرتنا أن نحُول دونَ ذلك فسيكون هذا خَرقًا للميثاقِ وسيكون هناك خطر على حياة ولي عهد العشيرة.
قال (آزريل) بانفعال:
- هذا الميثاق السخيف الذي فتح علينا أبواب الحجيم.
قال (حمزة):
- هذا الميثاق السخيف الذي تتحدث عنه هو ما جعل بأيدينا الآن طريقة للتخَلُّصِ من خَطَرِ الصولجان بشكلٍ نهائي.
سأله (آزريل):
- وما هي هذه الطريقة يا (حمزة)، هل توصلت لشيء لم تخبرنا به بعد؟
- ما دامت الأوراق موجودة فسيتوصل علماؤنا إليها عاجلًا أم آجلًا، وإيَّاك يا عمي أن تتهمني بأني أخفي شيئًا عن الملك.
- بالطبع تحذرني من اتهامك بهذا، ولكن أن تأتي إلى حجرتي وتَتَّهِمني بأنني السبب وراء اختفاء هذا البشري، فهذا يحق لك تمامًا، ما قولك الآن، هل لازلتَ مصَمِّمًا على أنني من اختطفتُه؟
- قلت لك أنني لم أتهمك بشيء، أنا فقط سألتك لأنني أعرف أن لك أعينًا في جميع طرقات المدينة.
أشار (آزريل) بيده وهو يهم بالرد إلا أن الملك صاح بصرامة:
- كفى.
لاذ كلاهما بالصمت في الحال وهما يتبادلان النظرات الغاضبة فتابع الملك:
- إياكما أن تتشاجرا هكذا ثانية في وجودي، وإلا ألقيت بكما أنتما الاثنين في السجن مكان (زوردان).
دخلَ أحد الحراس إلى القاعة لاهثًا فسأله الملك:
- ماذا هناك أيها الحارس؟
قال الحارس بأنفاس متقَطِّعة:
- البوابة يا سيدي، أحدهم عبر من البوابة.
عقد (حمزة) حاجبيه وقال:
- أي بوابة يا رجل؟
قال الحارس وهو لا زال يلهث:
- بوابة عالم البشر يا سيدي، في منزلك الموجود على أطراف المدينة، لقد وجدناها فجأة تتلألأ بالأضواء كما يحدث عادة عند انتقال الغرفة بين العالمين ثم اندفع منها أحد الجن الطيارين.
سأل (آزريل):
- هل أمسكتم به؟
- أطلقنا عليه الأسلحة وأصبناه إلا أنه طار عاليًا قبل أن نقضي عليه، ولسنا مزوَّدِين بحِراب الجن الطيار، فاستطاع أن يلوذ بالفرار.
لم يَبْدُ على وجه (آزريل) أي انفعال، إلا أن (حمزة) أمسك بتلابيب الحارس وهو يصرخ في غضب:
- لا يمكن للبوابة أن تعمل دون وجودي أنا والسيد (زياد)، وحتى بوجودنا لن تعمل قبل مرور الأسبوع كاملًا، لا يمكن أن يكون ما تقوله صحيحًا.
قال الحارس في خوف:
- هذا ما حدث يا سيدي، أقسم لك.
ثم تابع بحذر:
- هناك أمر آخر يا سيدي.
أفلته (حمزة) وقد احمَرَّ بياض عينيه وهو يقول:
- ماذا هناك أيضا؟
- الجنِّي الطَّيار كان يحمل قطعًا ذهبيةً في يده، رأيناها قبل أن يفر.
سأله (حمزة): هل تجشم هذا الجني كل هذا العناء ليسرق بعض القطع الذهبية من عالم البشر؟
أجابه الحارس وهو لا يزال خائفًا:
- أخشى يا سيدي أنها تشبه قطع الصولجان المفقودة التي كنا نشاهِدُهَا في الرسوم.
قال حمزة في لهجة مخيفة:
- ماذا تعني يا رجل؟
- أعتقد يا سيدي أنه كان ينقل قطع الصولجان الموجودة في عالم البشر.
أفقدت الصدمة (حمزة) القدرة على سؤال الحارس أي سؤال آخر بينما قال (آزريل) بلهجة لم يستطع إخفاء ما بها من شماتة:
- يبدو أن أحدهم قد اخترق دفاعاتك الحصينة وميثاقك السخيف، بل وقام بنقل قطع الصولجان عن طريق بوابتك الحمقاء.
نظر إليه (حمزة) وشياطين الدنيا تتراقص أمام عينيه وقال:
- ثق تمامًا أنه سيندم على ذلك بشِدَّةٍ.
هز (آزريل) كتفيه بلا مبالاة والتفت إلى الملك وقال:
- هل لا زلت تصِرُّ يا سيدي على إطلاق سراح (زوردان) بعد ما حدث؟
صمت الملك لوهلة وقال:
- أحضره إلى القصر اليوم، وسوف أناقش الأمر مع المجلس غدًا صباحًا.
ونظر إليهما في غضب وتابع:
- بدون حضور كليكما.
هَمَّ (آزريل) بيقول شيئًا إلا أن الملك قاطعه قائلًا:
- لا أدري ماذا حدث لعقليكما، لقد كنتما بالأمس فقط متآزران ضد المجلس بأكمله وأثبَتُّمَا قوَّتكما ورجاحة رأيكما عندما تتفقان، أما الآن فتتشاجران كما الأطفال، لا أريد أن أرى أي منكما في المجلس غدًا، وحاولا تصفية خلافاتكما السخيفة هذه قبل أن أتخذ ضدكما إجراءً ستندمان على إجباري على اتخاذه، هيا انصرِفا الآن.
هَمَّ كلاهما بالانصراف، وفي طريقهما لباب القاعة توقف (حمزة) وعاد إلى والده وقال:
- لا يمكنك ترك (زياد) في أيديهم، أنت تعلم أنهم سيقتلونه، إن لم تفعل هذا لأجلي فافعله من أجل (جويريه).
اشتعلت عينا الملك غضبًا وهو يقول:
- لا يمكنك أن تلعب بهذه البطاقة الآن في هذا الوقت الحرِج، أنت تعلم أن هذا ليس عدلًا.
- أردتُّ فقط أن أذكِّرُك بما أنسته لك السنين.
قالها وغادر القاعة.
أنت تقرأ
ميثاق
Horrorأخذ يُقَلِّب الدِّماءَ مع رَمَادِ الورقة ثم سَكَبَها على يده اليمنى وطلب من (زياد) أن يمد له كفَّهُ اليمنى وأطبق عليها بكَفِّه المملوءة بالدماء وأخذ الخليط يتساقط من كفَيْهِما وقال: ردد معي ما أقول.. بسم الله الملك.. قاهرِ الجبابرة.. ومالكِ الدنيا و...