32

6 3 0
                                    

‖الليلة السابقة‖
امتطَى (حمزة) دابتَهُ مسرعًا بها إلى القصر حيث اكتشف (زياد) أخيرًا مكان القطعة الناقصة، كان يتَّهِم نفسه بالغباء على عدم ملاحظته هذا الأمر من قبل، فكيف يغفل عن إمكانية معرفة (مصطفى) بمكان القطعة على الرغم من إنكارِهِ لذلك، كيف يعقل أن يقوم بتصديقه هكذا مع علمه أن (سعدًا) لم يَكُن ليترك القطعة دون تسليمها لأحدٍ بعدَه أو على الأقل كان ليترُك دليلًا على مكانها، ولكن بفضل الله اكتشفا مكانها بعد بحثٍ طالَ كثيرًا.
تسارعت الأفكار في رأسه وهو يمسك بلجَامِ دابَّته قاطِعًا الصحراء في سرعة حتى وصل إلى القصر واتجه مباشرة إلى غرفة (زياد).
قام بطرق الباب ففتح له (مروان) تعلوا وجهه علامات القلق.
استأذن منه ليدخل إلى دورة المياه فقال (مروان) ببلاهة:
- هو انت جاي دلوقتي علشان تدخل الحمام عندي، الحمامات اللي في القصر كلها خلصت، اتفضل يا (حمزة)، اعتبر الحمام حمامك.
أجَّل (حمزة) شرح الأمر قليلًا ودخل مسرعًا إلى دورة المياه ليبحث عن الخاتم، وأخذ يبحث في كل شبر منها ولكنه لم يجده فخرج إلى (مروان) يسأله:
- هل أخذت خاتم (زياد)، لقد نسِيَ ارتدائه وترَكَه هنا.
أجابه (مروان) بدهشة: لا مخدتش حاجة، انت إيه اللي عرفك إنه نسيه.
قال (حمزة):
- اجلس يا (مروان) فهناك ما يجب أن تعرفه.
جلس (مروان) وأخذ يستمع إلى (حمزة) وهو يشرح له ما اضطُّر إلى فعله لإبعاد (زياد) عن (آزريل) وكيف اكتشف (زياد) أن الخاتم له علاقة بالصولجان فقال (زياد):
- يعني انت عاوز تفهمني إن (زياد) بخير دلوقتي وإنه مش مخطوف ولا حاجة؟
كان (حمزة) يُجَهِّز نفسه للتعامل مع غضب (مروان)، فقال معتذرًا:
- أقسم لك أني اضطُّرِرت إلى هذا لكي أحمي صديقك من مؤامرات القصر.
قفز (مروان) نحوه وعانقه بقوَّةٍ وقال في فرح:
- مش مهم، مش مهم أي حاجة، أنا طبعًا متغاظ منك على إنك عَيِّشْتِني أسوأ ليلة في حياتي، بس مش مشكلة، المهم إنه كويس.
كان رَدُّ فعله غير متوقع بالمرة فقال (حمزة):
- من الجيد أننا لم نتعارك على هذا الأمر لأن هناك ما هو أهم، الخاتم، ألم تره في أي مكان؟
- لا والله، أنا أصلًا مخدتش بالي إن (زياد) نسيه.
- حسنًا، هل دخل الغرفة أحدٌ غيرك اليوم؟
تسمَّر (مروان) في مكانه وقال: وأنا موجود لأ، المشكلة لو حد دخل وأنا مش موجود.
سأله (حمزة): هل تركت الغرفة لوقت طويل؟
- الوقت اللي كنا فيه مع بعض عند (أمل) و،
سكت قليلًا فحثَّهُ (حمزة) على الاستمرار قائلًا:
- وماذا؟
روى له (حمزة) ما حدث عند قدوم (آزريل) لغرفته واصطحابِهِ له للخارج وقَصَّ عليه الحوار الذي دار بينهما بالتفصيل فقال (حمزة) في ضيق:
- اللعنة، يبدو أن (آزريل) انتبه إلى أمر الخاتم قبلنا، واصطحبك للخارج ليشغلك حتى يقوم رجاله بتفتيش الغرفة.
وسكت قليلًا ثم تابع:
- ولكن يمكننا أن نستفيد من هذا اللقاء.
- إزَّاي؟
- سأشرح لك، ولكنَّهُ أمر يتطلب الكثير من الشجاعة والكثير جدًا من الدهاء.
بدأ (مروان) يشعر بالقلق فقال:
- قول، أنا سامعك.
- أريدك أن تذهب إليه وتخبره بعلاقتي بـ(يورقان) ولتُعطني هاتفك وسأصوِّر لك به مقطعًا يجمعني به.
- (يورقان) ده اللي هو خطف (زياد)، صح؟
- صحيح.
- طاب انت كده هتحط إيده على دليل هيوديك في داهية!
- لابد أن تعطِه شيئًا حتى يطمئن إليك ويتخلَّى عن حرصِهِ في الكلام، وأخبِره أنك لن تسلمه المقطع المصوَّر حتى يضمن عودتك أنت و(زياد) و(أمل) إلى عالمكم سالمين، هذا سيعطيك وقتًا أطول ومصداقية أكبر، فحاول أن تستدرجه في الكلام ليعترف بأنه قادر على إعادتكم وأنه يستطيع فتح البوابة بدوني.
- طاب وبعدين حتى لو قالِّي الكلام ده هنثبته إزَّاي؟
- لقد أحضرت بعض المعدات من عالمكم عند عبوري، سأحضر لك قلمًا به كاميرا مخفاة ستضعهُ في جيبك بشكل عادي وتقوم بتصوير الحديث الذي سيدور بينك وبينه، بالطبع هذا أمر منتشرٌ في عالمكم ولكنه لن يخطر بباله قط، ولكن كما قلت لك من قبل، هذا الأمر سيتطلب منك الكثير من الدهاء لتستطيع الإيقاع به فـ(آزريل) ليس غبيًا.
ابتسم (مروان) وقال بدون تردد:
- أنا معاك ياكبير، متقلقش هعرف أوقَّعُه في الكلام.
- أمرٌ أخير، لو علم (زياد) بهذا الاتفاق سيحاول منعك قلقًا عليك، حاول ألا تخبره إلا إذا اضطُّرِرنا لهذا، وبالطبع هذا سيتطلب ألا تخبره بعلمك أنه لم يكن مختطفًا.
- تمام، عندك حق.
قالها وانفجر ضاحكًا وقال:
- لو حد قالِّي إنه هييجي عليَّ يوم أتفق معاك من ورا (زياد)، كنت هعتبره مجنون.
ابتسم (حمزة) ابتسامة خفيفة ومد يده إليه يصافحه وهو يقول:
- يمكننا أن نعتبرها بداية صداقة.
ابتسم (مروان) بدورِه ومدَّ يدَهُ ليصافِحَهُ قائلًا:
- ماشي، ممكن نعتبرها بداية صداقة.

ميثاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن