جلست (أمل) على مقعد خشبي قديم في غرفة مكتب والد (زياد) تلتقط أنفاسها، وتشرب مشروبًا ما لم تستطِع أن تميِّزُه، وأخذت تنظر إلى (حمزة) الذي تشكَّل فور سماعه صراخها بشكله البشري وهي تحاول استيعاب ما أخبرها به (زياد) و(مروان) للتَّو.
كانت قد أطلقت العنان لصرخاتها وانهارت في البكاءِ فَوْرَ رؤيتها لـ(حمزة) على هيئته الأصلية.
ترك (حمزة) (مروان) و(زياد) يشرحان لها ما يحدث وذهب إلى الخارج ليُحضِر لها مشروبًا يساعدها على الهدوء.
كانت نظرات (زياد) و(مروان) متعلِّقة بها بعد أن هدأت وكفَّت عن البكاء في انتظار تعليقها على ما سمعته، إلا أنها لم تقل شيئًا وظلَّت تنظر إلى (حمزة) في خوفٍ فقال (مروان):
- ممكن يا حضرة العفريت تستنى برَّه مؤقتًا لغاية ما تهدى، واضح إنها خايفة منك.
أجابه (حمزة) بصرامة:
- وهل أنا الأحمق الذي أتيت بها إلى مكان البوابة بين العالمين؟
صاح في انفعال وهو يضم قبضته:
- هو مين ده اللي أحمق؟ هو أنا اللي من ساعة ما ظهرت وأنا بكذب على (زياد) واملا دماغه بقصص فارغة.
أمسك (زياد) بكتفه وهو يقول:
- إهدى بس يا (مروان)، انتو إيه اللي جابكوا هنا فعلًا، انت مش عارف إيه اللي كان ممكن يحصل هنا؟
روى له ما أخبرته به (أمل) وأضاف:
- والباشا ده من ساعة ما ظهر وهو مش مهتم بحاجة غير دمك، فهِّمنى بقى دي صدفة؟
نظر (زياد) إلى (حمزة) متسائلًا، فأجاب بهدوء محاولًا تمالك أعصابه:
- أنت تعرف أن الذين هاجموا هذه الأماكن هم أتباع (شيمزاكيل)، وأنت من استنتجت هذا بمفردك ولم أخبرك به، ومن الطبيعي أن يستنزفوا دماءهم ليعلموا مكان إخفائهم القطع، فالطقوس لن تتم بدون الدماء.
صرخ (مروان):
- طبيعي؟ بيقول لك طبيعي، ده إنسان سادي، ده مش إنسان أصلًا، انت بتتعامل مع شيطان يا (زياد).
قال (حمزة) بصرامة:
- أنت تتجاوز حدودك يا سيد (مروان) فلقد اتهمتني بالكذب بدون دليل والآن تتهمني بأنني شيطان، أستطيع الآن منازلتك والانتصاف منك.
قال (زياد):
- منازلة إيه بس يا عم (حمزة) وانتصاف إيه، الأمور فيها لَبْس.
ونظر إلى صديقه وتابع:
- كل اللي انت بتقوله يا (مروان) مش جديد، مش همَّ اللي هجموا على البيوت دي فعلًا، وخلِّينا نهدى دلوقتي علشان خاطر (أمل).
كانت (أمل) تتابعهم في صمت ويبدو عليها أنها قد هدأت تمامًا فقال (حمزة):
- لقد أعطيتها مشروبًا مهَدِّئًا، لذا من الممكن أن تخلُد إلى النوم لبضع ساعات.
قال (مروان): وانت جايب مشروب مهدئ معاك ليه، كنت ناوي تنَيِّم مين؟
- كان من المفترض أن أعرضه على (زياد) إذا أصابه الفزع مما سيراه في عالمي.
- يعني كنت ناوي تخَدَّرُه؟
قاطع (زياد) النقاش المحتدم وقال:
- خلاص، الحمد لله إن وجودكم خرَّب الطقوس، إحنا نوَدِي (أمل) لبيتها ونتطَّمن عليها وبعدين نعيد اللي بنعمله هنا في وقت تاني.
قال (مروان) بانفعال:
- بردو مصمم على اللي انت عاوز تعمله؟!
قال (حمزة) في هدوء حَذِر:
- لن تتَمَكَّنا من إعادتها لمنزلها الآن.
صرخ (مروان): انت ملكش دعوة.
سأله (زياد): ليه مش هنتمكن من إعادتها، الحمد لله إننا لسه هنا في غرفة المكتب، واضح إن دخولهم المكان خرَّب الطقوس، هنوصَّلها وهرجع تاني، أنا لسه على اتفاقي معاك.
- يبدو أنك لم تفهم ما قلناه في تعويذة الانتقال، البوابة هي الغرفة، والتعويذة تنقل المكان بأكمله.
سأل (زياد) في حذر:
- قصدك إيه؟
- أقصد أننا ننقل الغرفة بأكملها بين العالمين، كل ما هو داخل الجدران ينتقل إلى غرفة مماثلة لها نفس الأبعاد وطريقة التصميم وحتى لون الطلاء، بما في ذلك جميع الأشخاص المتواجدون بالداخل.
- يعني احنا دلوقتى،.
- نعم، نحن في عالمي، لقد انتقلنا إلى عالم الجن.
اتسعت عينا (زياد) وهو ينظر إلى (مروان) الذي انهار على أقرب مقعد له، ثم نظر كلاهما إلى (أمل) التي نظرت في عدم فهم ثم انهارت فاقدة الوعي.
أنت تقرأ
ميثاق
Terrorأخذ يُقَلِّب الدِّماءَ مع رَمَادِ الورقة ثم سَكَبَها على يده اليمنى وطلب من (زياد) أن يمد له كفَّهُ اليمنى وأطبق عليها بكَفِّه المملوءة بالدماء وأخذ الخليط يتساقط من كفَيْهِما وقال: ردد معي ما أقول.. بسم الله الملك.. قاهرِ الجبابرة.. ومالكِ الدنيا و...