من فنون الردّ عند العرب وأخصّ هنا الشعراء .
هناك شاعرٌ اسمه نعمت قازان ولديه مصنع أحذية ، وعنده صديق شاعر اسمه "توفيق" فأرسل نعمت الي توفيق حذاءً ومعه بيتين من الشعر على البحر الوافر يقول فيهما :
لقد أهديتُ توفيقاً حذاءً ... فقالَ الحاسدونَ وما عليهِ
أما قال الفتى العربيّ يوماً ... شبيهُ الشيء منجذبٌ اليهِ !فغضبَ توفيق وردّ ببيتين من البسيط :
لو كان يُهدى الى الانسانِ قيمتهُ ... لكنتُ أسألُكَ الدنيا وما فيها
لكنْ تقبّلتُ هذا النعلَ معتقداً ... أنّ الهدايا على مقدارِ مهديهاحماقات فكاهية
سئلت امرأة عن حرفة زوجها فقالت: متولي إخراج المساكين من المسجد الجامع، وقد أرجعت له المقصورة.
سئل بعض المشايخ المغفلين: أتذكر أن حج الناس في رمضان؟ ففكر ساعة ثم قال: بلى أظن مرتين أو ثلاثة.
قال بعض الناس لمملوكه: أخرج وانظر هل السماء مصحية أو مغيمة، فخرج ثم عاد فقال: والله ما تركني المطر أنظر هل هي مغيمة أم لا ؟
إذا جاء رمضان استويا في العمر
قال: وسأل أبو نواس أحد الوراقين الذين كانوا يكتبون
في حانوت أبي داود: أي أسن ؟ أنت أم أخوك؟ قال: إذا جاء رمضان استوينا.رجلان سلبا قافلة
وقع رجلان على قافلة فيها ستون رجلاً، فأخذوا مالهم وثيابهم، فقيل لبعضهم: كيف غلبكم رجلان وأنتم ستون؟ فقال: أحاط بنا واحد وسلبنا الآخر كيف نعمل؟نجمة التيس
قال منجم لرجل من أهل طرسوس: ما نجمك؟ قال التيس، فضحك الحاضرون وقالوا: ليس في النجوم والكواكب تيس، قال: بلى، قد قيل لي وأنا صبي منذ عشرين سنة: نجمك الجدي فلا شك أنه قد صار تيساً منذ ذلك الوقت... إمَـامُ البُخَـلَاء
زَعَمُوا أنَّ رَجُلَاً قَد بَلَغَ في البُخْلِ غَايَتَهُ وَصَارَ إمَامَـاً .؟ وَأنَّـهُ كَـانَ إذَا صَـارَ في يَـدِهِ الدِِّرهَـمُ
خَاطَبَـهُ وَنَـاجَـاهُ وَفَـدَّاهُ وَاسْتَبْطَـأهُ .؟
وَكَانَ مِمَّـا يَقُولُ لَـهُ : كَمْ مِنْ أرضٍ قَـد قَطَعتْ ،
وَكَـمْ مِنْ كِيسٍ قَـد فَارَقْتْ ، وَكَـمْ مِـنْ خَامِـلٍ رَفَعَـتْ ، وَمِـنْ رَفيـعٍ قَـد أخْمَلْـتْ ، لَـكَ عِنْـدِي
ألَّا تَعـرَىٰ وَلَا تَضْحىٰ .!
ثُـمَّ يُلْقِيـهِ في كِيسِـهِ وَيَقُـولُ لَــهُ :
اسْكُـنْ علَىٰ اسْـمِ اللَّـهِ في مَكَانٍ آمِـنٍ لَا تُهَـانُ
وَلَا تُـذَلُّ وَلَا تُزعَـجُ مِنْـهُ .؟وَأنَّهُ لَمْ يُدخِلْ فِيهِ دِرهَمَـاً قَطُّ فَأخْرَجَهُ ، وَأنَّ أهلَهُ ألَحُّوا عَلَيْـهِ يَوْمَـاً في شَهْـوَةٍ ( أيْ طَعَامٍ اشْتَهَـوْهُ ) ، وَأكْثَرُوا عَلَيْـهِ فِـي إنْفَـاقِ دِرهَـمٍ فَدَافَعَهُمْ مَا أمْكَنَ ذَلِكَ ، ثُمَّ حَمَلَ دِرهَماً فَقَط ..
فَبَيْنَا هوَ ذَاهِبٌ إذْ رَأىٰ حَوَّاءً "حَاوِي الأفَاعي" قَـد أرسَـلَ عَلَـىٰ نَفْسِـهِ أفْعَـىً لِدِرهَـمٍ يَأخُـذُهُ .؟
فَقَالَ في نَفْسِهِ : أُتْلِفُ شَيْئاً تُبْذَلُ فِيهِ النَّفْسُ بِأكْلَةٍ أو شُربَةٍ .! وَاللَّهِ مَـا هَذا إلَّا مَوْعِظَةٌ لي
مِنَ اللَّـهِ .؟!
وَرَجَعَ إلى أهْلِهِ ، وَرَدَّ الدِِّرهَمَ إلىٰ كِيسِهِ فَكَانَ
أهْلُـهُ مِنْـهُ في بَـلَاء .!وَكَانُـوا يَتَمَنَّـوْنَ مَوْتَـهُ والخَلَاصَ مِنْـهُ ، فَلَمَّـا
مَاتَ وظَنُّوا أنَّهُمْ قَد اسْتَرَاحوا مِنْهُ قَدِمَ ابْنُهُ فَاسْتَوْلىٰ عَلىٰ مَالِـهِ وَدَارِهِ ..؟
ثُمَّ قَالَ : مَا كَانَ إِدَامُ أبي ؟ فَإنَّ أكْثَرَ الفَسَادِ
إنَّمَـا يَكُونُ في الإدَامِ .!
قَالوا : كَـانَ يَأْتَدِمُ بِجُبْنَـةٍ عِنْـدَهُ ..
قَالَ : أرُونِيهَـا .!
فَإذا فِيهَا حَزٌّ كَالجَدوَلِ مِنْ أثَـرِ مَسْحِ اللُّقْمَةِ .!
قَالَ : مَا هَـذِهِ الحُفْـرَةُ .؟
قَالُوا : كَانَ لَا يَقْطَعُ الجُبْنَ وَإنَّمَا كَانَ يَمْسَحُ
عَلىٰ ظَهـرِهِ فَيَحفِـرُ كَمَـا تَـرَىٰ .!
قَـالَ : فَبِهَـذا أهْلَكَنِـي وَبِهَـذا أقْعَـدَني هَـذَا
المَقَعَـد .! وَلَـوْ عَلِمْتُ ذَلِكَ مَا صَلَّيْتُ عَلَيْـهِ .!
قَالُـوا : فَأنْتَ كَيْـفَ تُرِيـدُ أنْ تَصنَـع .؟
قالَ : أضَعُهَا مِنْ بَعِيدٍ فَأُشِيرُ إليْهَـا بِاللُّقْمَـة .؟!مِـنْ كِتَـاب :
البُخَـلَاء لِلْجَاحِظ ..أَبُو عُثْمَانْ عَمْرُو بْن بَحر بْن مَحْبُوب بْنْ فَزَارَة اَللَّيْثِي اَلْكِنَـانِي اَلْبَصَرِي ، وَالمَعرُوف بِالْجَاحِظِ أدِيبٌ عرَبيٌّ شَهِير ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أئِمَّةِ الأدَب في العَصرِ العَبَّـاسِي ، وُلِـدَ وَتُوُفِِّيَ في البَصرَة .
أنت تقرأ
نوادر الأدب العربي
Nonfiksiيمثل هذا الكتاب مجموعة من النوادر و الطرائف التي تخص الأدب العربي و التي تبرز عظمة اللغة العربية و جمالها. ارجو ان تستمتعوا بها.