١٦- مفاجأة غير متوقعة

29 3 0
                                    

" أحياناً يمر الصعب بضحكة و تكون هذه وسيلتكِ للنجاة من الأحزان، اضحكِ صغيرتي فكل مُر سيمر، حتماً سيمر".
والدتكِ.

"هذا الخراب الذي بداخلي لم يولد معي..أقسم لكم أيها الناس أنه لم يولد معي..لقد كنت ناصعاً كغيمة".
(محمود درويش).

تحرك بها الصبي يدفع مقعد والدة هاجر المتحرك فيما التفت إبراهيم لوالدته التي مازالت تلقي بكلماتها اللاذعة من فرط غضبها:
- خلاص بقى ياما، خلصنا، يلا نروح..يلا يا....

قُطع حديثه و قد سقطت نورة أرضاً فاقدة الوعي تماماً مستسلمة للظُلمة هرباً من واقعها الأليم حيث تقع فريسة لمن لا يرحم و كأنها كُتب عليها خوض المعارك ليست كمحاربة بل كفريسة يتبادلون على أسرها ينهشونها دون رأفة بحالها، انتفض الجميع لصوت ارتضام جسدها بالأرض و انحنت بديبعة تحاول إفاقتها بمساعدة السيدات حتى استفاقت نورة فساعدنها و أجلسنها على مقعد و بديعة تغمر وجهها بالمياه بينما إبراهيم يراقب ما يحدث بصمت حتى انتبهت نورة لوضعها و مكانها و حركت مقلتيها بين الجميع ثم نهضت بأنفاس تتسارع و هرولت تهرب من بينهم فتحرك إبراهيم رفقة والدته يهرولان خلفها و بديعة تحاول إيقافها:
- إستني يا بنتي، إستني بدل ما يغمى عليكِ.

لم تستمع لها نورة و لم تلتفت لها تتابع طريقها و هي تحتضن نفسها بذراعيها و عباراتها تنسال بينما إبراهيم كان يساند والدته التي لا تستطيع الهرولة بِمَ يكفي لتلحق بها و قال و عينيه تراقب نورة:
- على مهلك ياما لا تقعي، هي رايحه على البيت هنحصلها متخافيش.

- البت يا عيني مصدومة، منهم لله على حرقة الدم دي...مد يا إبراهيم خلينا نلحقها لا تقع من طولها تاني.

قالت كلماتها بلهاث فيما أومأ إبراهيم موافقة و داخله يشعر بنيران متأججة لم يكن يتخيل أن تصل الأمور لهذا الحد و بسبب من امتلكت القلب يوماً ما، لم تهدأ نيرانه بإذلالها بل توهجت أكثر ألماً على ما فات و ما اضطرته لفعله و هو الذي لم يكن ليخطر بباله أنه يستطيع إيذائها و إهانتها مهما كانت الأسباب و لكن اليوم حقاً لم يشعر تجاهها بشيء فقط فراغ، مشاعر خاوية و كأنها لم تكن يوماً رفيقة دربه و لم يخفق قلبه لها يوماً و قد نجحت حقاً بانتزاع حبها من قلبه و لم يبقَ سوى البغض و الكره و ليس لها أو لشخصها بل لأفعالها لا أكثر و كأنه لم يعد يراها شخصاً يستحق حتى البغض و الكره، هي لا تستحق أي مشاعر حتى لو سلبية، هي مجرد فراغ وهمي لم يعد له وجود.

وصلت نورة للمنزل و هما يهرولان خلفها، فتحت الباب بعنف فصرخ علي بتأوه و قد كاد يفتح الباب ليخرج و بدفعتها للباب اصطدم بوجهه فيما تفاجأت نورة بفعلتها فاندفعت بفزع و قد أُصيبت بحالة من الهلع:
- أنا آسفه...آسفه..أنا آسفه.....

كانت تتحدث بأنفاس متسارعة تشهر يديها كاعتذار و عينيها تطوف المكان بضياع بينما علي تفاجأ بحالتها فتحدث يحاول تهدئتها:
- خلاص، خلاص محصلش حاجه إهدي فيه إيه؟..

غُربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن