١٧- طعنة خذلان

22 2 0
                                    

" قد تُخذلين و تُطعنين بخنحر الخذلان بأشد أوقات احتايجكِ للأمان، لن يرحموكِ و سيخونون ثقتكِ بهم و لكن لا تحزني و لا تلومي نفسك على حبكِ و ثقتكِ فأجركِ عند الله عظيم و عند الله تجتمع الخصوم".
والدتكِ.

"لقد كان مسكني..هو قوقعتي التي ألجأ إليها و أحتمي بها من الإنسانية بأسرها".
(دوستويفسكي).

خفق قلب نورة و قد رأت فريد يترجل من سيارته يتجه نحو باب المحكمة و حين رآها توقف و تلاقت الأعين بحديث صامت بينهما بعتاب و ألم ظهر جلياً من نورة و نظرات غضب و حنق من طرف فريد و قد تحركت نورة خطوتين بعيداً عن سيد و عيناها مُعلقتان بحبيبها تطالعه باشتياق و ألم بذات الوقت، هدلت أكتافها كطير أرهقه التحليق بدروب الغُربة تائه عن وطنه و ها هو يرى الوطن أمام ناظره يطالعه و يشكو له آلام و جروح نُقشت بالفؤاد، نظراتها تدعوه ليتقبلها من ساكنيه مرة أخرى لتنعم بالدفء و السكينة و حينها فاجأها فريد بفعلته التي فاجأت سيد و جعلته يفتح عينيه على وسعها و قد تسمرت قدماه و لم يحرك ساكناً من فرط مفاجأته الغير متوقعة بالمرة.

تحولت نظرات فريد لعتاب و ألم هو الآخر ثم تنهد بقلة حيلة و باعد بين ذراعيه في دعوة منه لعناق و حينها هربت عبارات نورة باشتياق و هرولت له ضاربة بتحذيرات الجميع عرض الحائط حتى استقرت بين ذراعيه بمسكنها الآمن تنعم بدفء صدره تهرب من غربتها لموطنها الأصلي و أجهشت في البكاء و هي تتمسك به فيما طوقها فريد بذراعيه بقوة و اشتياق حتى أنه رفعها عن الأرض و هو يدفن وجهه بعنقها بينما سيد كان يتابع الموقف بذهول و مفاجأة فارغاً فاهه بصدمة و كان هذا حال إبراهيم الذي كان قد وصل و وقف بالجهة الأخرى يراقب وقوفها مع سيد و أصابته الصدمة من فعلتها يراقب بذهول و عدم تصديق.

وزع فريد قبلاته بعنقها و وجنتيها باشتياق و لم يبالي بموقعهما و لا بمن حوله يحتضن وجنتيها بين راحتيه و هو يعاتبها بكلماته:
- وحشتيني يا روحي، وحشتيني قوي..ليه يا عمري كده، ليه يا نورة توصلينا لكده ، معقول عايزه تسيبيني، إزاي قادره تعيشي من غيري، عارفه تبعدي عن حضني؟.

أومأت نورة بالنفي من بين عباراتها فيما أردف فريد:
- طيب ليه، ليه تعملي في نفسك كده، عاجبك البهدلة اللي إنتِ فيها دي؟...

- فريد إنت اللي حرمتني من الولاد و إنت عارف.....

- نورة فوقي بقى أنا فريد، أنا هحرمك من ولادك؟، قولتلك أنا بعدتهم عنك عشان ترتاحي و تفكري بدون ضغط، إنتِ عارفه إنتِ بتبقي مضغوطه إزاي و هما معاكِ، أنا مش مسؤوليتي إنك عماله تفسري كل حاجه على مزاجك، إنتِ من ساعة موت أحمد و إنتِ مش في حالتك الطبيعية و مضغوطه طول الوقت، و لما سيبتك في الشارع عشان كنت متعصب و إنتِ عارفه إنتِ كنتِ وجعاني إزاي بس كنت متخيل إنك فهماني و هترجعي و نزلت دورت عليكِ ملقتكيش و إنتِ كإنك ما صدقتي و مرجعتيش حتى لما كلمتيني قولتلك هاجي آخدك قفلتي السكة في وشي و مش عارف أوصلك و بعدها دخلتي المحامي الغريب ده و اختفيتي، إنتِ بيعتيني في لحظة يا نورة، ما إحنا ياما بنتخانق بس عمرنا ما وصلنا لكده، ليه تعملي كده و بتعملي كده فيا أنا؟!.

غُربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن