١٧- فراق الأحباب (الجزء الثاني)

22 3 4
                                    

" أحياناً الفراق يكون نعمة فلا تعلمين إن لم نفترق عن البعض ماذا كان سيصيبنا أو يصيبهم.... أحياناً الفراق يكون خيارنا الوحيد أو ربما نُرغم عليه فلا تحزني إن فارقكِ أحبتكِ..إنه القدر صغيرتي، لا مفر منه".
والدتكِ.

"ألا إن قلبي من فراق أحبتي
و إن كنت لا أُبدي الصبابة جازعِ
و دمعي بين الحزن و الصبر فاضحي
و ستري عن العُزال عاصٍ و طائع"
(بشار بن برد).

صمت أحمد بعض الوقت فيما كان إبراهيم يطالعه بصمت هو الآخر ثم سأله أحمد و قد هدأت ثورته:
- هي مين دي؟..شكلك بتحبها، إنت متجوزها؟.

ابتسم إبراهيم بمرارة و لم يعرف بِمَ يجيبه و لكن بداخله كان يجيبه و يبوح له:
- هذه من عصيت ربي بالنظر إليها فعاقبني و ابتلاني بعشقها.

تنهد إبراهيم بعمق فهو لم يبوح بعشقها لأحد سوى رامي فقط و لا يحب التحدث بالأمر مع أحد يخبئها بين أضلعه ينتظر تحررها لينال فرصته علها تحنو و تتفضل عليه بقبولها له زوجاً و رفيقاً مخلصاً عاشقاً لها و لكنه لا يعلم لِمَ الآن يرغب بمشاركة شقيقه سره الذي فضحته عيناه و أنكره للجميع لذا تحدث بنبرة هادئة:
- دي اللي أخوك عنيه عصيته و بصتلها فربنا عاقبني و علق قلبي بيها و غرز حبها فيه و هي بعيدة قوي يا أحمد..بعيدة على أخوك و مش قادر يطولها و لا يعرف إزاي وقع فيها كده و هي مستحيلة.

عقد أحمد بين حاجبيه بعدم فهم و سأله:
- ليه بقى مستحيلة، ما هي معاك أهي؟.

- معايا و مش ليا و لا عمرها كانت ليا...على ذمة راجل تاني لا هي معاه و لا عارفه تسيبه.

هكذا أجابه إبراهيم بألم فيما ضحك أحمد بسخرية ثم تحدث من بين ضحكاته:
- مش بقولك عبيط..وقعت عليها فين دي يا حنيّن و إيه حكايتها؟.

ضحك إبراهيم بقلة حيلة لقول شقيقه ثم أجابه و بدأ يسرد عليه الحكاية منذ عرفها و ما حدث له و لها و كيف طلق هاجر و ما فعلت به و كيف وقع بعشق نورة و حين انتهى أردف:
- بس و من ساعتها و إحنا على الحال ده...بقالها معايا قرب السنتين شقلبت فيهم حالي و كياني، اتصابت بيها و بقيت مدمنها...كانت وش الخير عليا، وقت لما جات كل حاجة كانت مقفلة في وشي، الشغل واقف و كل اللي مخطتله بيبوظ و حياتي بايظة و بطلق و حاسس بخنقة و ضيقة كاتمة على نفسي، جات هي و معاها أبواب الدنيا اتفتحلي و الله من يوم ما رجليها خطت في البيت ده و ما عارف الرزق ده بيجيلي منين، ربك فتحها عليا من وسع..أصرف عليها مليم يرجعلي الطاق عشرة..باب يتسد في وشي ثلاثة يفتحوا من الناحية التانيه، اتشغلت معاها و نسيت حالي و اللي أنا فيه و فجأة لقيت ولا حاجة من دي موجودة كإنها جات و شالت كل الهم من عليا بس بقت هي همي..بقيت بعافر عشان أنجيها من همها لحد ما ربنا قدرني أساعدها و جات حياة و الروح دبت فينا إحنا الإتنين و مش فاضل بس غير تاخد حريتها منه و الطريق يفضالي بقى يمكن ربنا يراضيني بيها و يريح قلبي.

غُربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن