٥- أعتذر منك يا أخي (الجزء الثاني)

42 2 1
                                    

" لا تنكرين جميل أحد و تنساقي خلف أهوائك و رغباتك دون تعقل كي لا تندمين و تخسرين من أحبكِ بصدق".
والدتكِ

"كالخيل يمنعنا الشموخ شِكاية
و تئن من خلف الضلوع جروح
كم دمعة لم تدري عنها أعين
و نزيفها شهدت عليه الروح"
(المتنبي).

مر يومين و حال نورة ليس بخير أبداً، لا تتحدث كثيراً و تنعزل بنفسها لفترات ذهنها يعصف بها و هي وسط معركة ضارية بساحة معركة شرسة تُسحق بين مشاعر كثيرة متضاربة و ذكريات مؤلمة بينما إبراهيم لم يخلتف حاله عنها كثيراً فمعركته شرسة هو الآخر و مازال يجاهد و يحاول الفرار من ساحة المعركة و لكن كل شيء تكالب عليه ليعكر صفوه فخلاف معركته و قلقه على حال نورة هناك علي الذي مازال على حاله يسهر كثيراً و لا يعود للمنزل سوى القليل و قد بدأ إبراهيم حقاً يشعر بالقلق على حاله، اليوم قرر انتظاره و مواجهته و بعدما اطمأن على نورة و خلدت والدته في النوم خرج من الشقة و جلس على الدرج ينتظر عودته، طال الإنتظار و الغضب و الحنق يتفاقمان داخل إبراهيم و هو يجاهد كي يتحكم بغضبه و لا يتشاجر معه، وصل علي و تفاجأ بإبراهيم يجلس على الدرج بانتظاره فزفر بضيق و صعد و كاد يتخطاه و لكن استقام إبراهيم و وضع ذراعه يوقفه و يمنعه من الصعود فأطبق علي فكيه ببعضهما يعرض بنظره عنه بضجر فيما سأله إبراهيم:
- كنت فين؟.

- تاني؟..ما قولت ببقى مع صحابي.

اشتم إبراهيم رائحة تبغ تفوح من شقيقه فسأله:
- إنت شارب سجاير و لا إيه بالظبط؟.

- شربت سجارتين فيها حاجة دي؟، إيه هتعاقبني و لا هتزنبني، هو أنا عيل صغير يا إبراهيم؟، شربت سجاير عندك مانع؟.

هكذا اندفع على بحِدة فيما كز إبراهيم على أسنانه يحاول التحلي بالصبر حنى نجح و تحدث بنبرة هادئة:
- لا معنديش مانع، إنت راجل و عارف مصلحتك.

- طيب كويس إنك عارف، ممكن بقى تسيبني أطلع أنام؟.

- تمام هسيبك، أنا بس كنت عايز أتكلم معاك...عايزك تنزل معايا الورشة، الشغل تقيل عليا الفترة دي و إنت كده كده لسه مش لاقي شغل و بعدين مش كان الإتفاق برضه إنك هتخلص و تدور على شغل و تساعدني برضه في الورشة؟.

ابتسم علي بسخرية ثم أجابه:
- لا ده كان زمان، كان كلام عيال لمؤاخذه بس أنا مش هشتغل في الورشة.

- و السبب إيه بقى إن شاء الله؟.

زفر علي بضيق يحاول التحكم بغضبه و حنقه ثم أجابه:
- هو كده، أنا مليش في شغل الورشة و لا بفهم فيه و معلش يعني أنا متعلمتش و اتخرجت عشان في الآخر اترمي وسط عُمال و قرف و إنت الشغل مش تقيل ولا حاجة و مفيش جديد يعني، كل الحكاية بس إنك مشغول شويتين الفترة دي و عقلك مش معاك و يا حبيبي أكيد عايز تزود الشغل عشان محتاج فلوس زياده عشان تبعتره يمين و شمال على الغُرب..فعادي يا إبراهيم يعني دي حاجة بسيطة بالنسبة ليك و هتعدي أو متعديش مبقتش فارقة بس أنا طلعني من الليلة دي يا إبراهيم و بطل تفضل ورايا كده معلش يعني إنت أخويا أه بس مش أبويا عشان يحقلك تحاسبني في الرايحة و الجاية، و لمؤاخذه يعني كل واحد يخليه في نفسه مش واحد يتحاسب على كل نفس و التاني محدش يقدر يحاسبه، محدش ليه حق يحاسب التاني فاطلع من الدور ده الله يباركلك و خليني ساكت.

غُربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن