" أهٍ لو تعلمين صغيرتي حب الأم لصغارها، حب يجعلها تضحي بكل شيء حتى بنفسها، تُقدم نفسها قرباناً في سبيل حمايتهم و أمانهم بصدر رحب و بكل حب..لذا كوني على يقين بأنكِ تسكنين بأعماق قلبي حتى و إن فارقتكِ لن يكون الفراق اختيار مني".
والدتكِ."أيا معشر العشاق بالله أخبروا
إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع؟
يداري هواه ثم يكتم سره
و يخشع في كل الأمور و يخضع
و كيف يداري و الهوى قاتل الفتى
و في كل يوم قلبه يتقطع؟
إذا لم يجد صبراً لكتمان سره
فليس له شيئاً سوى الموت ينفع".
(الأصمعي).- استنى يا إبراهيم.
قلب عينيه بضجر يعلم أن والدته ستوبخه و هو لا يرغب بخوض تلك المناقشة الآن كي لا تُعكر صفوه و لكنه استسلم و ترك مقبض الباب ثم استدار ينظر لها بتساؤل فأردفت بجدية:
- أنا مش عايزه نورة في البيت.طالعها بتعجب فهذا الذي لم يخطر بباله و لكن تعجبه الأكبر كان لتلك الغصة التي استوطنت فؤاده الذي انقبضت خفقاته بألم لمجرد تخيل رحيلها، يُسائل فؤاده بتيه و ضياع:
- ماذا أصابك أيها العصي..لِمَ انقبضت خفقاتك؟!!....قطع شروده صوت والدته تردف:
- مشيها من البيت، شوفلها أي مكان تاني بعيد عن هنا.استفاق إبراهيم من شروده و ضياعه و تجهم وجهه و انطفأت ملامحه و كأنه رجل آخر غير الذي كان منتشياً منذ لحظات و سألها بجدية:
- ليه؟.اقتربت بديعة منه ثم تنهدت و أجابته بنبرة هادئة:
- إبراهيم أنا فكرت كتير قوي و لقيت إنه كفايه قوي لحد هنا، إحنا ساعدناها كتير قوي و عملنا أكتر من اللي علينا كمان بس يابني أكتر من كده يبقى غلط...البنت حواراتها بتكتر و دخلنا في قواضي و وصايه و قانون..و جوزها عنده حق هي مريضة و عقلها مش مظبوط، جوزها أولى بيها يعالجها و يراعيها....- جوزها اللي رماها في الشارع؟!!!.
هكذا قاطعها بسؤاله فيما أجابته بديعة بجدية:
- و ليه متقولش إنه مظلوم و هي اللي هربت منه و كلامها كله جنان؟.لا يعلم لِمَ شعر بالحنق و الغضب يتفاقم داخله لاتهامها بالجنون رغم إحتمال توهمها بجميع ما حدث لذا إندفع بقوله الحاد:
- مش مجنونة....- لأ يا إبراهيم مجنونة، كل......
- ماما...نورة مش مجنونة و أنا مش هكدب عيني و أصدق حد، قولي من الآخر إيه السبب؟.
هكذا قاطعها بقوله الجاد الحاد بعض الشيء بعدما قاطعته والدته بحدة و لا يعلم لِمَ انفعل ينكر جنونها و هناك غصة استوطنت فؤاده فيما صمتت بديعة فأردف يُنهي هذا النقاش بحزم:
- نورة مش هتمشي و مش هتخلى عنها مهما كانت الأسباب، يا ريت منتكلمش في الموضوع ده تاني و بطلي كل ما تشوفيني معاها تثوري و تغضبي و كإننا عاملين جريمة، إنتِ جيتي لقتينا على السلم بعيد عن بعض و مديها ظهري و باب الشقة مفتوح و علي موجود، عارف إنه مش صح بس مكانش فيه حل تاني و هي نازله مجروحه و منهاره، بلاش الأسلوب ده، إنتِ عارفه كويس إني مستحيل أقبل الحرام.
أنت تقرأ
غُربة
Non-Fictionغُربة، غُربة أرواح تاهت بدروب الحياة، أرواح تغربت و ضاعت خُطاها تقودها نحو المجهول و الخوف يسكنها، أرواح لم تحلم بالحياة سوى بحياة، حياة بأوطان تسكنها آمنة، أوطان تقتل غُربتها و تقتل الحنين فهل من أوطان آمنة أم ستظل الأرواح مُغتربة تبحث عن وطن حتى ي...