" أحياناً تتوقف بكِ الحياة و يعجز عقلكِ عن التفكير و تشعرين بغصة في قلبكِ و حينها توقفي عن المقاومة و استريحي قليلاً، في هذه الأحيان لا تملكين سوى أن تفوضي أمركِ لله، اهدئي و اتركِ أمركِ لله و سيراضيكِ و يعوضكِ من حيث لا تحتسبي".
والدتكِ."عندما لا تستطيع أن تقترب و لا أن تبتعد
و لا تستطيع أن تنسى و لا أن تتجاوز فأهلاً بك في المنتصف المميت الذي لا حول لك فيه و لا قوة".
(محمود درويش).نورة كانت بعالم آخر تركض بطريق مُظلم تشعر بالخوف و جسدها يرتجف ذعراً، عباراتها تنسال و خفقات قلبها تكاد تخترق صدرها من فرط ذعرها، تركض و تركض دون توقف تهرب من السراب تبحث عن الأمان حتى ظهرت هالة بيضاء تشق الظلام فتوقفت نورة عن الركض بلهاث و حينها ظهرت والدتها تُباعد بين ذراعيها في دعوة لعناق بحزن و اشتياق و حينها ركضت نورة تختبئ بين ذراعي والدتها تُلبي النداء فضمتها والدتها بقوة تعتصرها و نورة تتمسك بها بكلا قبضتيها و قد أجهشت في البكاء تشكو لها قسوة الحياة و تنعم بالدفء و الراحة بملاذها الآمن و فجأة ظهر صوت والدها بخوف يصرخ بها:
- إجري يا نورة، إهربي، إهربي....تفاجأت نورة و أجفل جسدها من صراخه و هي تتمسك بوالدتها و قد اقترب والدها منها يمسك بكتفيها بلهاث و هو يطالع الظلام خلفهم:
- إهربي...إوعي توقفي، كملي الطريق.كانت تطالع الظلام حيث ينظر والدها و لكنها لا ترى شيئاً و انتبهت لراحتي والدتها تحاوط وجنتيها و تقول بعيون مغرورقة:
- لازم تهربي، إجري من هنا، ده طريقك، لازم تكمليه.أشارت لها والدتها نحو الجهة الأخرى ذات الوجهة التي كانت تركض بها و لكنها أيضاً مُظلمة جداً فعادت نورة تتنقل بنظرها بين الجهتين بحيرة و ذعر ثم تحدثت ببكاء:
- الدنيا ضلمة قوي..أنا لوحدي و خايفة.- متخافيش، إنتِ مش لوحدك، إوعي تضعفي.
كان هذا قول والدها يطمئنها فيما تحدثت والدتها تشجعها:
- يلا يا حبيبتي، بسرعة يا نورة إجري و إوعي توقفي.- طيب خليني معاكم، أنا خايفة، مش هقدر لوحدي، عشان خاطري.
قالت نورة كلماتها ببكاء تتوسلهما فقالت والدتها و قد هربت عباراتها:
- متخافيش، هو معاكِ، هيحميكِ و هيلازمك في الطريق.- هو مين؟...أنا لوحدي..حتى فريد مش موجود.
- هتعرفي كل حاجة لوحدك بس إجري و متخافيش....
كان هذا قول والدتها فيما قاطعهما والدها بقوله و قد استمع لقرع أقدام تركض و تقترب منهم فبدأ يدفع نورة يحثها على التحرك:
- يلا بسرعة مفيش وقت، إجري، إجري و مهما تعبتي متوقفيش، إهربي يا بنتي.نظرت لوالدتها فأومأت تشجعها ببكاء و هي تدفعها هي الأخرى لتركض و هي ترجوها:
- سامحيني، سامحيني يا حبيبتي، أنا السبب.
أنت تقرأ
غُربة
Non-Fictionغُربة، غُربة أرواح تاهت بدروب الحياة، أرواح تغربت و ضاعت خُطاها تقودها نحو المجهول و الخوف يسكنها، أرواح لم تحلم بالحياة سوى بحياة، حياة بأوطان تسكنها آمنة، أوطان تقتل غُربتها و تقتل الحنين فهل من أوطان آمنة أم ستظل الأرواح مُغتربة تبحث عن وطن حتى ي...