" فالتعلمين صغيرتي أنكِ ستظلين قطعة من روحي حتى و إن فرقتنا الدروب، سأظل أحاوطكِ بحبي و أماني، كوني على يقين حتى لو فرقتنا الأقدار سأظل هنا جواركِ بقلبي و كياني فالتطمئني صغيرتي أنا أخبئكِ بمسكنكِ بين الضلوع، فالتطمئني أنا هنا أحيا بقلبكِ الصغير".
والدتكِ."و تظن أنك بحاجة شديدة للإختباء
بينما أنت في أمس الحاجة لمن يجدك فقط".
(أحمد خالد توفيق).- و لا هسمح لحد يإذيكِ تاني.
استشعرت نورة الأمان بكلمات إبراهيم فتركت الشرشف ليكشف عن وجهها البريء ثم بسطت ذراعيها تكشف عنهما أمامه لتُظهر جروحها تشكو له و تعترف بخذي بفعلتها:
- أنا...أنا عملت كده...أنا آسفة..مش هعمل كده تاني...بس متسيبنيش تاني و تمشي..أنا آسفة...قُطع حديثها و قد أجهشت في البكاء فيما انقبض قلب بديعة لرؤية جروحها و لم تفهم شيئاً و لكنها تشعر بالشفقة لحال نورة بينما إبراهيم طالع جروحها بغصة أصابت قلبه و استقرت بالأعماق يشعر بانسحاب أنفاسه و هو يستمع لاعتذاراتها و توسلها ألا يتركها فاغرورقت عيناه رغماً عنه و نطق دون وعي بنبرة تحمل الكثير من الوعود و العهود التي لا يُمكن أن يُنكث بها يوماً:
- مش هسيبك.حينها انتبه لسيد الذي يدلف برفقة رجل غريب فانتفضت نورة تتمسك بذراعه و تقترب منه تختبئ و هي تهتف بذعر:
- لا لا إبعدوا عني، إنتوا كدابين، كلكم كدابين، إنتوا سيبتوه يعمل فيا كده..إبعدهم عني، مش عايزاهم يقربوا مني، كدابين، كدابين.أنهت كلماتها و هي تستقر خلف ظهره و قد وقف كلاهما و هي تتمسك بذراعه بيد و باليد الأخرى تقبض على خصره تلتصق بجسده فيما تحدث إبراهيم بنبرة جامدة و انفعال:
- مين الراجل ده يا سيد...إيه اللي حصل؟.- إهدى ده الدكتور بتاعها، سيبه يهديها و هفهمك كل حاجه.
اقترب الطبيب يحاول التحدث لنورة التي تُخفي جسدها خلف إبراهيم:
- نورة أنا مقدر شعورك و فاهم قد إيه إنتِ مصدومة و حاسه بمشاعر سلبيه كتير....قاطعته بقولها ببكاء و هي لم تنظر له بل تختبئ خلف حصنها المنيع تحتمي به:
- إنت قولتلهم، إنت قولت كل حاجه، إمشي أنا مش عايزاك، كلكم كدبتوا عليا، كلكلم خدعتوني، إمشي..خليه يمشي عشان خاطري.وجهت آخر كلماتها لإبراهيم بتوسل بينما الطبيب أتى بحقنة من جيب بنطاله قد جهزها قبل دلوفه و قد توقع حالتها ثم تحدث موجهاً حديثه لإبراهيم:
- لازم تهدى، مش هينفع بالوضع ده.- تهدى إيه، إنت مين أصلاً، إنت مش هتقربلها، مين ده يا سيد؟.
هكذا اندفع إبراهيم بحِدة و هو يُبعد الطبيب و يدفعه بعيداً عنها و والدته تتابع الموقف بصمت بينما سيد أجابه:
- هفهمك يا إبراهيم بس صدقني ده في مصلحتها، أمان صدقني.
أنت تقرأ
غُربة
Non-Fictionغُربة، غُربة أرواح تاهت بدروب الحياة، أرواح تغربت و ضاعت خُطاها تقودها نحو المجهول و الخوف يسكنها، أرواح لم تحلم بالحياة سوى بحياة، حياة بأوطان تسكنها آمنة، أوطان تقتل غُربتها و تقتل الحنين فهل من أوطان آمنة أم ستظل الأرواح مُغتربة تبحث عن وطن حتى ي...