Dear Angelina|عزيزتي أنجلينا

16

"المَسروق الذي يبتسم، يسْرِق شيئاً من السارق"
-ويليام شيكسبير
______________________________________

جلس ذلك الرجل يشاهد الفتاة الصغيرة كيف تلتهم الطعام بسرعة و كأنه سيهرب منها، شعر بحجم معاناتها و جوعها رغم أنه لا يعرف بتاتاً ما مرّت منه أو أصلها .

حاول محادثتها بلغته عسى أن تجيبه لكنها لم تُعِره أي إهتمام، بل استمرت في التهام ما هو موضوع أمامها، عيونها الواسعة الحذقة تحدق في ما تأكله
و لم تستعمل أي ملعقة أو شوكة بل أكلت بيديها.

تنهد السائق و هو ينظر إليها حتى نهض من مكانه
و توجه لغرفته ليحمل هاتف المنزل الثابت و يضغط على أرقام تبعها رنين ثم ردّ بالعبارة التالية

"مركز الشرطة"

روى لهم كلّ ما حدث بالتفاصيل و هو غير عالِمٍ بأن هناك طرف ثالث يستمِع لمحادثتهم و يبتسم بمكر مرعب و مميت.
أنهى المكالمة بعد محادثته الطويلة و شرحه لما ما حدث بالتدقيق الممل. نظر إلى جانب سريره ليواجه صورة قديمة لعائلة ثلاثية.

فتاة على كتفيْ رجل ما من الواضح أنه أبوها، إلى جانبهم إمرأة جميلة هي والدة الصبية.
تنهد بعمق و هو يتذكّر أحداث الماضي العميقة

قبل عشر سنوات

"نشب حريق هائل في فندق ألفا خمس نجوم بمدينة باريس عاصمة فرنسا، خرج معظم السياح
و العمال و ما زال رجال الإطفاء يحاولون إطفاء النيران الهائلة"

تحدث المذيعة أمام الكاميرا التي تبث بثاً مباشراً في محاولة لتوضيح الأحداث و سردها للمشاهدين المتربصين و المستائين من الحادثة.

وقف ذلك الرجل في الخارج يصرخ يحاول الإنفكاك من أيدي الأمن الذين ثبثوه لرغبته المُلحة في المرور من خلال النيران رغم خطورة الأمر

صرخ و حنجرته تدمي من الرعب و الخوف على أسرته الصغيرة، زوجته و إبنته هناك محبوستان في الطابق الثاني و العشرين، و لم يكد ينهي صراخه حتى لمح أحد رجال الإطفاء يخرج و هو حامِل لجسد سيدة فاقدة للوعي بين ذراعيه ببضع خدوش على كافة أنحاء جسدها.

هرول إليها الرجل ليمسكها بين ذراعيه و يشرع في البكاء و هو يحتضنها، ثم رفع نظره بصدمة تجاه الرجل و صرخ في وجهه نابساً

"إبنتي ... ماذا عنها؟؟!"

لم يعلم بما يجيب الإطفائي المسكين فقد وجد المرأة أمامه أثناء عمليات البحث و إخراج الماكثين في الفندق، لكنه أحنى رأسه و نبس بصعوبة و بنبرة متعبة لاهثة