الفصل 23 " بدأت أسترجع نفسي .. ! "

12 2 2
                                    

" فتحت عيناي للمرة الألف تلك الليلة التي عشت لحضاتها مستيقضة أكثر مما كنت نائمة ، لأجد أشعة الشمس و أخيرا تمر بين أهدابي لتزعج بؤبؤ عيني الذي كان يسبح بزرقته داخل ذلك البياض الذي لم يُرفع عليه ستار جفناي بعد ، إنه الإزعاج اللطيف كالعادة ! ..

مسحت على وجهي بكلتا يداي ، أخدت نفسا عميقا تغلل به الهواء إلى صدري ، ثم أبعدت خُصل شعري التي لطالما عانقت وجهي في كل حركة أتخدها ، لأضطر لاحقا إلى جمعه بتلك الفراشة الزرقاء التي باتت جزءا لا يتجزأ من مضهري ! ..
قفزت من فِراشي بعد أن حدقت بالسقف للحضات ، ثم رحت أمد دراعاي في الهواء و قد فتحت النافدة ليحيط بي ذلك النسيم الذي يصبح أكثر برودة مع كل يوم ، حاملا معه رائحة الجو الخريفي خارجا ، و هذا ما يروقني ! ..
تفقدت السماء أولا ، أردت معرفة حالة الطقس الذي سنعيش بين أحضانه اليوم ، كعادة إكتسبتها من أبي !
فجأة صرت أشعر أني بت نسخة مصغرة عن نتائج تربية والداي ، و أنا جدا فخورة بهذا رغم كل شئ ..
بعد إنتهاء جلسة تأملي لذلك السحاب ، و سماع صوت تغريدات بعض العصافير الهادئة ، قررت أن أبدأ يومي .. غيرت ملابسي و إرتديت ما يناسبني للتدريب ، لقد صرت أستمتع و أنا أرى نفسي أحاول مجاراة ريوتا تحت تشجيع أخي ! ..

لا أدري منذ متى صرت أناديه بأخي مباشرة ، لكنها كانت مرات قليلة، و في كل مرة كان يكرر علي نفس الجملة " قوليها مجددا! " ، لكني لا أستطيع ، لأني ربما قلتها من نسيج أفكاري التي تَنفك من بين شفتاي دون وعي مني ، لكني أعده أني سأتعلم مناداته بما يرضيه و يسعده ! ..
مر شهرين و قرابة النصف تحديدا عن بداية أول يوم إقتحمت به هذا الجانب من العالم ، مر الوقت بسرعة ربما ، لكنه كان بطيئا جدا بين طيات عقلي ، أرهقت نفسي بالتفكير في هيئة تنفس خاصة بي ، تنفس البرق يحتاج لقوة تحمل .. و أنا لا أستطيع مواكبته كما تفرض نتائج تدريباتي على الموقف ، أما تنفس الصوت فأنا لم أفهم ماهيته على أي حال ، و تنفس الربيع الخاص بريوتا ، فقد أخترعه بغير وعي منه ، لذلك لا يدري بالضبط كيف سينقله إلي ، و بهذا قرر أخي أن علي إختراع تنفس خاص بي ، و يناسبني ، لكني بالفعل لا أدري كيف ، من أين أبدا ؟ كيف سأكمل ؟ هل سأنجح ؟ كلها أسئلة تراودني ، لكنهما يطمئنانني بأن هناك ما يجب تعلمه قبل كل شئ ! و ها أنا لازلت أخلق الأعدار لنفسي للتوقف عن التساؤل رحمة بها و إستلطافا لذلك الجرح داخل قلبي و الذي لم يُشفى بعد ..
وضعت يدي على وجنتي و أنا أقابل تلك المرآة ، طرف إبهامي يتحسس ذلك الإحمرار الطفيف المرسوم أسفل عيناي ، بينما أقوم بتأمل ذلك البحر داخلهما ..
إنه حقا ..
بحر صغير مقارنة بالمحيط في عيون تلك المرأة ..
إستفقت بين أحضان فكرة ما ، سأنفدها بلا ريب ! لكن ليس اليوم ، ولا غدا ، سأنفدها في الوقت المناسب! ..
إستقرت تلك الفكرة في مكان ضيق بين زوايا عقلي ، ثم أخدت السيف خاصتي بينما تلك الفكرة لا تزال تُعالج في دماغي ، فتحت باب الغرفة لأسمع ذلك الصوت الذي ألَفته و صار مُريحا لي سماعه حولي يقول .. "سأغادر الٱن" ..
لأجد نفسي أنتفض و أترك السيف متكئا على حافة الباب ، و رحت أنزل ذلك الدرج بكل سرعة ، و بالخطأ نسيت إحدى الدرجات ما جعلني أتعثر و أسقط طول الدرج حتى الأسفل ، و عندها فقط ، رفعت رأسي لأجده واقفا أمامي ، لكن شعري المتمرد قد عانق وجهي كاملا مجددا ، فقمت بالإنحناء أماما برأسي ثم الرجوع للخلف ، ما جعل تلك الخصلات الثلجية ترجع لمكانها خلف ضهري بعد تجولها في الهواء للحضات ، فرفعت رأسي إتجاهه مباشرة ، و قلت بإبتسامة واسعة شعرت أنها قد إرتسمت على جميع حواف شفتاي " خدني معك ! "

Kimitsu_no_yayiba "لؤلؤة البرد"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن