"19" شمسٌ وَ قمر

6 2 0
                                    

ها قد مرّت ساعة وَ لا زلنا لم نجد فندقٌ قريب نقضي به ما بقي من سويعات الليلة
هذه، بدأ النعاس يغلبني، وَ هو كذلك كمّا أنه يقود وَ الظلام قدّ حلّ أخشى أن نعود في الصباح جثتان لألبرت، همهمتّ له بصوت تغلب عليه النعاس..
"إدري، أوقف العربة على طرف طريق، لن نجد فندق فكمّا ترى المنطقة مقطوعة لتمرّ هذه الليلة على خير، سنبقى هنا بالعربة وَ أول بزوغ الشمس سننطلق للعودة إلى المستشفى"

أوقف العربة، يلتفت للخلف، وَ للوهلة الأولى شعرت بأن الصبح قدّ حلّ وَ الشمس أشرقت من عينيه، تلاشت كل أصوات الكون من حولي، ليبقى صوتٌ داخلي يحاول أن يرشدني لحل متاهةٍ أضعت بها عمري..



أقتراحها كان أنسب حلًا وَ ما أن أستدرت لأوافقها الرأي تلاقت عيناي بخاصتها، لأرى القمر بسمائه وَ ليله أمامي، أودّ أخبارها بأنني هوَ من يعيش في ماضيها الدامي..

لطالمّا كان لقاء الشمس بالقمر أمرٌ مستحيل، لكن ها همّ قدّ تلاقى تحت ظلٌ غافي، أ تطفئ نار عذابًا قاسه؟، ليعيد أشعال توهج جليدًا تصلب لكثرة رياحًا ضربت بأمواجها؟، أم أنهما سيفترقان ليثبتا للأرض أن لا دهرًا وَ لا ليلة تستطيع أن تجمعهما..?

لا أعرف كمّ من الوقت قدّ مرّ، ليكسر الصمت بيننا قائلًا..

"حسنًا وَ هذا رأيي، أرتاحي أنتِ قليلًا وَ أنا سأبقى مستيقظ، كوني مطمئنة وَ لا تخافي"

رغم أنني لا زلت أراه مجرمًا إلا أن ثقة ألبرت به وَ تصرفاته اللطيفة جعلتني أشعر بالأمان معه، هززت رأسي إيجابًا له..

لأرخي رأسي على النافذة أمتع ناظري بالمشهد البديع، السماء صافية رغم أننا في منتصف الشتاء، فبراير هذا لطيف لم يهاجمنا بثلوجه كعادته في كل عام، النجوم تسطع لتعطينا ضوءٌ خافت يرغم روحي على الهدوء، لأتذكر كيارا وَ كمّ هي تحب النجوم فتفرّ مني شهقةٍ أسرع بكتمها تلحقها دموعي تسيل على وجنتاي، أرجو أن تكون بخير وَ تعود لي سأبقيها معي، وَ أعتني بها أنا وَ آشلي، أخذني التفكير لوقتًا ليس بقليل، وَ الصمت مخيمٌ بيننا، لألقي عليه نظرةٌ سريعة أنه يسند رأسه على المقود، وَ أنفاسه متسارعة، يبدو أنه غارقٌ في التفكير وَ لا نومٌ سيزوره اليوم، أعدت بصري إلى السماء أراقبها بصمت حتى نال النعاس مني وَ استطاع أن ينتشلني من جمال سماء هذه الليلة..



نسمة هواء باردة لفحت وجهي لأستيقظ، أشعر بألم يسري بكامل جسدي، بالطبع سيحدث هذا لي بعد كل هذا التشرد وَ الشقاء الذي أقاضيه، تفحصت العربة لأندهش بعدم رؤيتي لإدريان، أين سيكون قدّ ذهب وَ تركني، رمقت الساعة التي على رسغي الأيسر، أنها الخامسة وَ ثلاثة وَ عشرون دقيقة صبحًا، فتحت باب العربة لأنزل منها مغلقةٌ الباب خلفي، مشطت المكان بعيناي لأرى إدري يجلس على صخرة كبيرة على بعدٌ قليل من العربة، أخذت أمشي نحوه، كتفت ساعداي أجلس على صخرةٍ تقابله، المكان أشبه بالخيال يحيط بنا أشجارٌ على جنبي الطريق وَ كل نصف ساعة حتى تمرّ عربةٌ ما، وجهت كلامي له...

زهقٌ مُتوارٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن