"17" مقعدٌ مذدهر

5 2 0
                                    

نظرات أسفًا وجهها لي إدريان ليزيل المسافة بيننا مقتربًا مني، واضعًا يدّه على موضع نبض ألبرت يتفقده، بينما كانت دموعي تنهمر بصمتٍ مختلطةٌ بدمائه، أنه على حجري مغيب يتلفظ أنفاسه الأخيرة، لا لن أسمح له أن يغادرني، أنه سندي وَ اتكائي وَ خير رفيقٌ ولدته أيامي، هوَ أخي وَ أبي، ظلي وَ رفيق أحلامي، سنينٌ قضيناها بين كرةٌ وَ حلوى، تفوقٌ وَ هروبٌ من الحصة، ثم صحيفةٌ وَ قصة، أنتهت معه حكاياتي..؟
مسحت بقايا الدموع عن اهدابي، موجهة كلامي للذي يقف أمامي بصوتٌ متهدجٌ..

"أرجوكَ إدري لنسرع وَ نأخذه للمستشفى أنه ينزف بكثرة وَ الإصابة خطيرة، ليس هناك إلا إنشاتٌ بسيطة بينها وَ بين قلبه"

وضحت على ملامحه علامات الاستياء، ليقف يجذب ألبرت إليه، مهمهمٌ لي..

"لا تقلقي، سيكون بخير وَ كيارا أيضًا ستعود أعدكِ، حتى أيما ستتلقى عقابها كسابقيها، فقط ثقي بي وَ هاتي يدكِ، هيا علينا أن نسرع أكثر"

مددت له يدّي، ليساعدني على النهوض من بعد ما قاضيته في الأيام الفائتة قدّ خارت قوى جسدي، وَ ما أن لامست يدّي يدّه، اغرورقت عيناه، ليجذبني نحوه متجهين إلى عربته التي تبعد عننا بمسافة ليست قريبة، وَ قدّ حاولت افلات يدّي عن خاصته أثناء سيرنا لكن في كل مرة كانت قبضته تشتد أكثر، متجاهلًا فكرة أنني ربما اشعر بألم، أما مظهر ألبرت كان يمزق قلبي، فكلما حدث له بسببي لقدّ وقف أمامي ليحميني وَ إلا أيما كانت تقصدني أنا، مرة أخرى مدينةٌ لألبرت لطالما منحني سعاداتٌ كثيرة في كل مرة كنت انطفئ بها أجده نورًا لظلامي يقاسمني فرحي أما حزني كان به جشع، لا يترك لي منه أي آثارٍ، والآن منحني روحه لقدّ تنازل عن حياته لأجلي، لم أشعر بخطواتي لثقلها، لأرى أننا وصلنا إلى العربة أخيرًا، جلست بالخلف ليضع ألبرت على جحري وَ يهمّ بالقيادة مسرعًا لأقصى حد، كان خائف عليه هو كذلك..

وجهه باتّ ذابلٌ لونه شاحب، خصلات شعره المنسدلة على جفناه، جسده المرتخي، هذه التفاصيل تجعلني ارتعش، أني أفقد صبري أخشى أن لا نصل في الوقت المناسب، كسرت الصمت أحادث إدريان الذي لم يكن بحالٌ أفضل مني، أنه يتصبب عرقًا يقود وَ يداه ترتجف يتلفت للخلف كل بضع دقائق ليهدأ من توتري..




"هل هناك الكثير بعد، نبضه يصبح بطيئًا"

"لا أعرف يا أردا أكاد لا أبصر الطريق من سرعتي، لكن أظن أننا اقتربنا من المدينة وَ أول مستشفى يظهر أمامي سندخل إليه"

أعدت نظري إليه، أتأمله وَ كلي رجاء بأن يعود إلينا
وَ ما هي إلا دقائقٌ ليتوقف إدري وَ يركض خارجًا من العربة متجهًا نحو قسم الطوارئ ليعود برفقة طاقمٌ طبي، همّ بفتح الباب وَ سحب ألبرت ليضعه على النقالة ليسرعون به إلى الداخل، لحقنا بهم لكنهم استوقفونا عند الرواق مغلقين في وجهنا باب غرفة العمليات، وَ كمّ طال الوقت مرّت الساعة الأولى وَ الثانية وَ للآن لم يخرج أحد، إدري قدّ عاد بعد أن خرج قبل قليل، مطأطأ رأسه يسألني...

زهقٌ مُتوارٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن