"5" الرسالةُ الأولى

20 4 11
                                    




2002{دارُ الأيتام ويلتون}



إلى حسنائي أردا، آمل أن تقع هذه الرسالة بين يداكِ ذات  يوم، فمنذ المرة الأولى التي لمحتكِ بها، قبائلٌ من النجوم تغفو على قلبي كلما لمحت سحر تلك العيون، لا أنسى بريقهما وَ كيف يشعان، زرقاوتان يحيطهما خيوط ليلٌ، ليثبتا لي أنهن نجوم، لقد مرَّ سبعة سنواتٍ على قدومي لهنا، بعد أن أُعتقل والدي {كريستيان شميت} بتهمة التجسس، لقد كنت في الخامسة من عمري، حين تم الألقاء بي في بؤرة جحيم ويلتون، غرفةٌ مظلمة لوحدي بقيت بها، تعاقبت على ذنب أبي الذي عشت معه وحدي بعد أن توفيت والدتي أثناء ولادتها لي، تجرعت عنفٍ وَ دماء خدوشي لا ماء، يتم التعامل معي على أنني مجرم، حتى بتّ كذلك
لدي رغبةٌ عارمة في سحقهم، وَ سأفعل هذا يومًا، لحين ذلك اليوم، سأقص لكِ أحداث يومي بهذه الرسالة، ربما لن تقرأيها، لكن أشعر بالامتنان وَ أنا اكتب للشخص الوحيد الذي لطالما نظرت له، يطمئن قلبي، "أردا حسناء وحش ويلتون"

بصوت متهدج، بينما كنت معلقًا من قدماي بخيطٍ على شجرة الكرز التي تقابل دار ويلتون، نطقت أناشدها..

"سيدة كلوي، أرجوكي لا تفعلي أن الطقس اليوم حارٌ جدًا"

عقدت حاجبيها، وَ بنظرة استحقارٍ نظرت لي، قائلة..

"ستصرخ حتى يذهب صوتكَ، لينادي الريح، فلا أحتمل هذا الطقس أنا، وَ أن تجرأت وَ لم تفعل، ستذهب أنتَ حينها ليس صوتكَ"

أخذت أصرخ وَ أصرخ بإسمكِ، حتى خارت قواي وَ جف حلقي، وَ لم تأتي الرياح وَ لا حتى أنتِ يا أردا، لم يأتي أبي لينتشلني من هذا العذاب، أن لم تأتوا دعوني آتي أنا إليكم، لكن كيف، وَ أنا سجينٌ وَ أن سمحو لي بالتنفس، استنشقت رائحة دمي مختلطٌ بهذه الشجرة، أبرح ضربًا، حتى لا أعود أميز بين لون دمي وَ لون الكرز الذي من حزنه علي سقط أرضًا، حتى الشمس تشفق علي فتربت على ضهري لتترك لي أثرٌ يثبت أنها فعلت وَ وقفت بجانبي..

رمتني في الحجرة المظلمة مجددًا بعد أن تأكدت من ذهاب صوتي، لتغلق الباب خلفها، تاركةٍ إياي أنتظر العقوبة الثانية، وَ ما أن غابت الشمس وَ سكنت أصوات الرفاق، سمعت صوت مفتاح يحرك قفل الباب، لينفرج الباب وَ تأتي من خلفه السيدة أيفا، أنها الوحيدة هنا من يشفق علي، كانت تحمل أدوات تضميد الجروح، اقتربت مني، لأتناول من يدها كوب ماءٍ ارتشف منه بيدان مرتجفتان، أخذته من يدي حالما انتهيت، لتهمس لي بصوتًا خافت، وَ كانت قد بدأت بدهن المراهم على الحروق التي سببتها الشمس..

"بني، لا تخف ستشفى، هيا دعني أنتهي منها، لأجلب لكَ العشاء قبل أن تنام"

تكونت طبقةٌ زجاجية على عيناي، وَ بصوتًا متهدج..

"سيدة أيفا، أنا خائف، إلى متى سيعاملونني هكذا، هلَ ساعدتيني بالخروج من هنا"

نفت برأسها، تستقيم بعد ما أنهت التضميد، تتوجه للباب، قائلةٌ

"لا تقلق، سأعود لكَ بدقائق"

إني أفقد الأمل بالخروج من هنا، ليت السيدة أيفا تصطحبني إلى منزلها، لتبقى تلك التي تسمى أردا أمام ناظري..
أنها أحلامكَ الوردية يا فتى لا تتأمل، صوتٌ من داخلي ألجمني ببعث تلك الكلمات، ليأخذني النوم، متجاهلاً طلبها بالانتظار لتناول العشاء..

زهقٌ مُتوارٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن