خرجت زينة من بيتها كعادتها صباحًا تهش بعصاها غنماتها اللواتي أعتدن الخروج للبراري للتغذي على نباتاته الصفراء التي تنمو بين الرمال والكثبان..
ضربت الفتاة كل نعجة شاردة عن الطريق كي تستقيم في الصفوف خلف بعضهن البعض وهي تنظر للسماء، دقائق وتغيب حدة الشمس من الأفق وتستريح من حرارتها التي تأكل من رأسها المتواجدة أسفل شالها الأسود على رأسها.
مرَّت ببئر الساعي الفارغة المهجورة وهي تنظر له بعينيها من بعيد بخوف ولم تفارق النظر إليه حتى إبتعدت عنه بمسافة ثلاثة أمتار.
تخرج زينة البالغة من العمر عشر سنوات خلف غنماتها كل يوم منذ أن أكملت الثماني سنوات بأمر من أبيها الذي يتكاسل عن أداء هذا العمل وتتلقى العقاب بشدة لو خالفت أمره، تفعل هذا منذ أن فارقت والدتها الحياة وتركتها بصحبة أبيها القاسي.
فعصا أبيها أو حذامه جاهز بالتمام لو شردت غنمة هنا أو هناك أو تأخرت عن ميعاد عودتها للمنزل قرب الغروب.
وصلت لحيث المرعى الواسع وسرحت الغنمات تتغذى على العشب، نظرت زينة للشمس فوق رأسها وألتقطت عصا وأخذت ترسم بها وتلعب فوق الرمال على الأرض ظلت هكذا حتى شعرت بالملل ومالت الشمس وخفت ظلها وغطا عينيها النعاس وراحت في نوم عميق دون أن تشعر.
إستيقظت على رعشات برد سرت في جسدها لتفتح عينيها في جزع وتنظر حولها فأنتفضت فجأة واقفة حينما وجدت الظلام قد حلَّ وغطا السماء من فوقها وظهر القمر بدرًا فيها، نظرت لغنماتها وهي تتلفت حولها على الرمال الواسعة والأفق الفسيح حوالها وسرى في جسدها خوف وقلق شديد حينما تذكرت والدها وعصاته.
جرت تجاه أغنامها وبدأت في عدهم بتوتر..
" واحد.. إثنين.. ثلاثة.. إلخ. "دمعت عيناها وأخذ فكها يلتوي لأسفل وهو يرتعش وإنفرج فمها عن بكاء شديد بصوت مرتفع حينما لاحظت غياب إحداها.. نظرت حولها وهي تركض يمينًا ويسارًا وتتطلع في الأفق فلم تجد شيء
مشت بضع خطوات وهي تبحث عنها فلاحظت وجود أثر أقدام نعجتها على الرمال أمامها.. ركضت خلف الأثر حتى وجدته يؤدي للبئر المهجور أمامها.. وقفت مكانها في رعب شديد خائفة من الإقتراب من تلك البئر التي كثرت حولها الأقاويل من أهل القرية...
يقول البعض أن هناك شيطانة تسكنه والبعض يقول أن فيه غول يأكل لحم وعظم كل من يقترب منها وهناك من يقول أن وحش عملاق يخرج منها في الليل ويجذب كل من يقترب منها ناهيك عن الأصوات التي تخرج منه كما قال كل من مرَّ بجواره ليلًا.
ظلت واقفة لفترة لا تعلم ما تفعله من خوفها حتى سمعت صوت نعجتها يأتيها من داخل البئر..
تقدمت أكثر وجسدها يرتعد خوفًا وهي تتذكر عقاب والدها لها لو تركت تلك النعجة هنا وعادت للبيت بدونها.
أنت تقرأ
كبسولة رعب.
Korkuالعالم أكبر من انت تراه بعينيك وأبشع من أن تنجوا منه قصص قصيرة مرعبة ومخيفة تفتح عينيك على أفاق جديدة مرعبة... أطفأ مصباح غرفتك وأقرأ.