"طعنة الغدر لا تؤلم لحدّتها، بل لأن اليد التي غرستها كانت يومًا ملاذًا."
منتصف اليوم، حيث تمتلئ الشوارع بالزحام و أصوات المارة و صراخ البائعين، لكن يبدو أن و بالرغم من قوتها لم تستطع تلك الضّوضاء فرض سيادتها داخل هذا المكان، للوهلة الأولى تظن أنه مكان هادئ كأسمه، مفعم بالسلام و الرقي، و للراحة و الدفئ عنوان. و لأن المظاهر خداعة؛ عليك أن تنظر مرة أخرى بتمعن، فلم يكن الوضع بداخل هذا المنزل كما يتصوره البعض. أثاثٌ مُلقى، زُجاجٌ محطم، و أثار دماء تُزين الأرض الخشبية كأنها لوحة لفنان أقسم عن التعبير عن ما بداخله حتى ولو بدمائه و صدق في قوله.
بعدما أنتهى راكان من مداواة جروح غيث و إدريان، جلس الجميع في هدوء تام دون النطق بكلمة، كأن مجرد همسة طفيفة قد تشعل فتيل قنبلة موقوتة. ولا كلمة، فقط نظرات تتجول بالأرجاء دون الثبات على هدف معين، كان كُلٌّ منهم ينظر للآخر بغضب وكأن ذلك الصراع لم يفرغ ما بداخلهم و يتعطشون للمزيد، قاطع تلك اللحظات الثقيلة صوت كريم الساخر:
"طب أيه؟ أشغل الشيخ محمد رفعت يقرأ لنا ربع!"
أستطاع بحديثه إفاقة الجميع من أفكارهم، رمقه والده بغضب فتابع بخوف:
"مهو جو العزا الي احنا في ده هيخنقني، أتكلموا يا جماعة لو هتشتموا بعض حتى."
تحدث وادي بمزاح كأنه يُنازع ليعود لحالته الطبيعية:
"أنا موافق على أقتراح الشتيمة ده تحبوا أبدأ أنا الأول؟"
أبتسم راكان بهدوء فها هو يعود وادي كما كان، تحدث أسماعيل وهو ينظر صوب إدريان:
"أقدر أفهم أنت بتعمل أيه هنا؟"
نظر له إدريان ببرود ثم أردف:
"علمت أن هناك تجمع فقررت الحضور فأنا لا أحب الجلوس بمفردي، أفضل الصحبة."
أنهى حديثه وهو يغمز لغيث بعينه، همَّ الآخر بالرد عليه لكن أوقفه أستكمال أسماعيل:
" لا يا خفيف قصدي بتعمل أيه في مصر؟"
أجابه بصراحة وهو يخرج لفافة تبغ يضعها بفمه:
" أتيت لأختطاف جمرة و العودة بها للديار."
حسنًا لم يتعجبوا ككل مرة فهُم علموا أن هذا الذي أمامهم وقح لا يبالي بأي شيء، لكن تحدث درويش بغضب:
" تخطف مين؟ و أنتوا أزاي ساكتينله كدة! مين ده؟"
لم يتحدث أحد فأردف إدريان بغضب منهم:
"ما بكم يا قوم! أنا لست اللورد فولدرموت لتمتنعوا جميعًا عن ذكر أسمي!"
تحدث غيث بأستفزاز:
"أصل أسمك ملوش لازمة، زيك بالظبط."
أوشك إدريان بالأنقضاض عليه لكن منعه صوت حيدر العالي:
أنت تقرأ
الطفرة
Mystery / Thrillerعندما تُحاسب على ما لا ذنب لك به و تُلقي بك الدنيا أنت و من تحب في غَياهب الطُرُقات، وقتها تعلم أن لا يوجد سبيل أخر للفوز غير القتال و السير فوق أجساد من يعترضوا طريقك. هي فعلت ذلك و هو قام بمساندتها و مضوا قُدُمًا لتحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحا...