لطالما التمستُ حزنا في عينا أمّي كلّما التقت طرقنا و أنا عائدة من المدرسة بينما هي عائدة بعد قضاء حاجياتها في السّوق ذلك اليوم ، تسألني عما درسته اليوم بلحن شجيّ ثم وبكلّ روح آملة تسألني عن يومي ، ما شغلني فيه غير الدّراسة ، تسأل عن صداقة جديدة ، مغامرة جديدة لكنّ إجابتي تكون نفسها في كلّ مرّة " لا جديد" .
كانت تبتسم لي بحزن وهي تحفّزني أن أكون أكثر انفتاحا و أتقبّل الصّداقات الجديدة لكنني لم أطبّق أقوالها يوما ، ليس و كأنني لم أُرد لكنني لم استطع و لو أردت ، لا أنا و لا أمي عرفنا حلّا لهذه المعضلة ، أحيانا كنت أدّعي القوّة بأنني لست في حاجة لصديق لكنّ داخلي كان محطّما ، فؤادي منكسر و أنا أرى جميع الفتيات حولي تضحكن و تمزحن مع بعضهن ، و أنا في الزاوية منحشرة أفكّر في الفراغ.
كانت لي صديقة يوما أخبرتني أنّ هناك شيء يخصّ شكلي ، شيء ينبعث منّي يقول أنني لست في حاجة لي أحد مستقلّة و قويّة لكن كيف لي أن أكون كذلك و أنا في هذا السنّ؟
رغبت دوما أن أجرّب شعور الصّداقة ، شجار الأصدقاء ثمّ تصالحهم ، تحابّهم و تقاربهم ، فهم بعضهم حتّى بلغة الإشارات أو لغة الأعين و لو لم يدرسوا أيّا من الاثنين ، أذكر أنني يوما شكوت لأمي حزني فلم تجد بم تجيبني وقد خارت سبلها في إيجاد حلّ مسبقا فلم يكن أمامها سوى القول " كلّ شيء خُلق مثنى مثنى"
طوال الدّوام اليوم ، كنت أفكّر ببيكهيون و أبتسم لاإراديّا كلّما تذكّرت ما فعلته هذا الصّباح ، أرغب في فعلها مجددا .. سأفعلها غدا و بعد غد و بعده و بعده و أكمل السّنة على هذا المنوال، من الرائع أن تكون مشاغبا.
" هل جُننتِ؟" نكزني بيكهيون على رأسي بعد أن شارفت الحصّة الأخيرة على الانتهاء فجمع الجميع حتّى الأستاذ حاجياتهم و جلسنا في انتظار جرس النّهاية
"أنت تبتسمين منذ هذا الصّباح" قال و هو متكئ على كرسيه براحة شابك يديه أمامه ينتظر بكبر بال
" هل كنت تراقبني ؟" سألته باستفزاز فضحك ساخرا و قال " كيف لي ألا ألاحظ و قد اتّسعت الابتسامة بعرض وجهك الكبير"
" وجهي ليس كبير" تذمّرت متمتمة بين نفسي و أنا أُلملم وجهي بين كفّي أحاول قياسه أتأكّد من صحّة كلامه أو كلامي لكن فجأة قاطعني صوت الجرس الذي ما لبث أن رنّ حتّى تبعثرت الأجواء و كلّ يحاول الخروج في أسرع وقت حتّى أنني لم أجد مسافة للنّهوض و بقيت مسجونة في مكاني حتّى فرغ القسم بأكمله لأجد طريقي بالخارج .
حسبت أنّ بيكهيون قد يكون في انتظاري بجانب البوابة الكبرى ما دمت لم أجد له نفسا في أيّ طريق لُحت عيناي عليها لكنّ ظنوني لم تُصب هذه المرّة على الرّغم من توقّفي في مكاني و جلت بنظري جيّدا أفحص الجميع ، لم يكن له أثر هنا.
أكملت طريقي مطأطئة الرّأس أكذب بكِبَري و أتجاهل حقيقة أنني قد بدأت أعتاد على قضاء الطّريق إلى المنزل برفقته ، لكن فجأة سمعت بوق درّاجته و هو يركنها على جانب الطريق و ينادي عليّ لائما أنني انطلقت دون أن أنتظره و قد كان قد ذهب لإحضار درّاجته فقط.
أنت تقرأ
perplexed|| مـرتبـك
Fanfictionمقتطف من الرواية : فَضَحِكَ وَقال "صَدَقتِ ، لكن دعيني أُضيف لكِ كلماتٍ ، فقد عرفتُ اليومَ أنَّ بُكاءكِ بينَ يديّ واضطرابَ يدكِ في يدي وخُفوقَ قلبكِ عند رُؤيتي كان أثرًا من آثارِ الخوفِ ، لا مظهرًا من مظاهرِ الحبّ وأنّ عطفكِ عليّ وتحبُّبَكِ إليّ ولُ...