chapter|| 13

3.8K 347 17
                                    

أحيانا لا يدرك النّاس قسوة حديثهم ما لم يُعايشوا أيام الذي تلقّى كلماتهم ، يحسب الكثير أنّ مرافقة كلمة اليتيمة لي كمرافقة لقبي لأسمي قد وُصم عليّ و لا يعلمون أنّ كلّ حرف من الكلمة صار كسهم منقوع بالزّئبق يقتلني في الطّعنة ألف مرّة ، وقع الكلمة لوحدها يكفي فلم يريد الجميع تذكيرنا بها في كلّ لقاء أوّل؟ لكنني أحاول دوما تجاهل قائليها ، فكّرت في الابتسام لكن بسمتي في تلك اللحظة لن يكون لها معنى سوى أنني أحاول إخفاء ألمي لذا في كثير من الأحيان أُبقي ملامحي كما هي و لا أحاول إبداء ردّ فعل واضح ، لكن أن يجرأ أحد و يقذف أبي و أمي بالجنون كذاك مذهب آخر من الحديث.

لم أعد أطيق الجلوس في مكتب هذا المتغطرس و حتّى هو لم يُعجب بكلماتي التي سببتها به فخرجت بسرعة بلا مطرود و فررت إلى القاعة الكبرى أين وجدت بيكهيون واقفا بجانب النافذة و يده اليمنى تستمرّ بلمس ساعته على معصمه الأيسر يتفقد الوقت.

" لم تأخّرت هكذا؟ مالذي قاله لك؟" همس لي من بعيد و هو يتقدّم نحوي و قد كان التحدّث ممنوع في تلك اللحظة فأشرت له بالجلوس و ملامحي أبت الانشراح حتى أنّ جبهتي آلمتني بسبب تقطيبي الدّائم لحاجباي غضبا و لم يكن شكل كهذا بِخفيّ على بيكهيون الذي لم يتوقّف عن نكزي على ساعدي طالبا لتفسير .

" مالذي قاله لك؟ لم أنت غاضبة هكذا؟" لم يتوقّف عن ترديد هذه الكلمات بتاتا و كلّ ما كان يقف حاجزا بيني وبين إخباره عن الأمر هو خيفة أن تستيقض ذاته المشاغبة مجددا و يقوم بما لا يُحمد عقباه و أنا لازلت لا أعرف ماضيه و ما هو قادر على فعله بعد

" سأحدّثك لاحقا .. " أنهيت إصراره مباشرة و افترشت ساعداي لأنام عليهما حتى نهاية فترة الحجز.

أيقظني بيكهيون و هو يسحبني من يدي و قد انتهى الوقت المفروض ، كان يجرّني بسرعة لنخرج من الثانوية كلّها فضولا حول ما دار بيني و بين المدير و ما إن واتتني الفرصة حتّى أفرغت كلّ ما بجعبتي أحاول الحفاظ على شهامتي و ألا اصرخ بكلّ قوتي غضبا.

لم يجد بيكهيون بم يجبني فور انتهائي ، كان ينظر إليّ مفاجئا من وقاحة المدير في الحديث ، غاضبا من جرأته في استخدام سلطته ، لكنني كنت قد صببت مجرى الحديث في التّفصيل فيما قاله عن أبي لعلّ كلمة منه تكون إشارة على مجرى البحث عنه.

" في الحقيقة .. صحيح أنّه كانت لأبي أحاديث غريبة ، كان يحكي لي كثيرا عندما كنت صغيرة عن عالم سماوي مواز لعالمنا ، أين يعيش الملائكة و الشياطين معا ، أخبرني أنّ الإعلام و القصص الخرافية لطالما صوّرت الشياطين على مخلوقات .. 'شيطانية' أي شريرة فوصفت القاتل بالشيطان و الإرهابي بالشيطان في حين أنّه هناك من الشّياطين من يفوقون الملائكة طيبة كما هو الأمر بالنسبة للملائكة بالظّبط"

مجددا أطبق بيكهيون شفتيه و قد ترددت جميع الأحرف على شفتيه ليجيب عن حديثي لكنّه لم يجد سوى قوله " واو" ما جعل ابتسامة هادئة تفرّ مني و قد بدء سَرّ من أسارير وجهي في إيجاد طريقه للنّور أخيرا

perplexed|| مـرتبـكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن