Ch 0:: مقدمة

14.5K 520 299
                                    

_Chapter 0::_
_مقدمة_





لم أكترث لأي شجرة أصطدمتُ بها ولا لأي حجر تعثرتُ به، لم أكترث للهواء البارد الذي يلسع جسدي المتداعي مرتخي الكتفين ولا لأفكاري المبعثرة ولا لأي شيء على الأطلاق

قدماي تسيران بنفردها لا أعلم الى أين تأخذنِني، أشق طريقي خاطياً خطواتي التائهة في الظلمة التي طوقتني ومنعتني من الرؤية بوضوح فضوء القمر ونجومه لا يكفياتي لأضاءة طريقي، أنه مظلم، موحش، تملأه الصخور والأشجار ليس مُعداً ليُسار عليه

توقف عقلي عن التفكير وقد يتوقف قلبي في أي لحظة

لا أعلم أن كنتُ ما زلت أبكي أم أكتفيتُ فجميع أحاسيسي كل شيء وحتى شعوري بالوجود... توقفوا

أسير الى الأمام بلا وجهة أقصدها أو مكان أخبأ نفسي الغير مرغوبة فيه، بعد أن أرهقني الركض وخانتني رئتاي وساقيِ بتُ أسير بخطى متهالكة وثقيلة

لقد تعبت... تعبت... تعبت للغاية، لم أعد قادراً على التحمل أكثر من هذا، مر شريط ذكرياتي البائسة أمامي كأنه يذكرني بتأثيره السلبي علي، تذكرتُ والدتي التي بقيت أنتظر عودتها يائساً لأصطحابي حتى آخر ذرة أمل في نفسي، تذكرت الملجأ الذي عشتُ فيه منسياً منتظراً لمن يمسك بيدي ويأخذني معه، تذكرت ذلك الرجل الذي رباني وفعل بي ما فعل وأوصلني الى ما أنا عليه الآن، تذكرت رفيق سكني الغاضب وحبيبته وطفلته، تذكرتُ صديقي الوحيد الذي تركني أكمل الطريق وحدي بعد رحيله

تذكرت أيامي مع كل هؤلاء وسنواتي في ما يقل عن عشر خطوات، أسمع صوتاً عالي في داخلي يناشدي ويترجاني باكياً متظرعاً لأعطائه السكينة التامة، أسمعه يبكي ويصرخ ويلومني على كل جريمة بشعة أرتُكِبت في حقي وسكت عنها

آسف لأني كنتُ جباناً، آسف لأني كنتُ ضعيفاً، آسف لأني جعلتكَ تعاني وتتدمر وتصل الى نهاية هذا الخط، آسف لأني حثالة خرّب كل ما خطى عليه ولوث كل ما لمست يداه ولعن كل من حدثه، آسف على أستغلالي روحاً بريئة خُلقت في داخلي، آسف يا أنا على جسدكَ البشع هذا الممزق بالخزي وعار الذي لوثته الدنيا ورمت به كل مصائبها، لقد كنتَ محقاً كل هذا الوقت... ما خضته لم يستحق تضحية الصمود

وجدتُ نفسي واقفاً في نهاية طريقي، لم تشعرني الهاوية التي أسفلي بأي رهاب أو أنفعال يذكر، لن أنجو إن سقطت ولن أحلم حتى أن يُعثر جثتي، لا أرى نهاية الهاوية ربما بسبب علوهما وعمقها أو بسبب الظلمة، أو ربما بسبب تغبش نظري من دموعي التي صبغت عيني بالحمرة

تصارعت أفكاري وتدافعت ذكرياتي علّها تمنعني عمّا أكاد أقدم على فعله، لكنها لم تستطيع، بل جعلتني أقين أن ما سأفعله صحيح

The Fake Guy || المزيفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن