تحولت نظرات الحاضرين إلى التفاجئ الممزوج بالحيرة و الإستفهام... تحديقهم المستمر بين دينا و روبرت جعل دقات قلب روبرت تتسارع بشكل مفاجئ و إرتعشت يداه بشكل هيستيري... أين هو ألكس ليبرأه أمام الجميع؟ حتى أنه لم يستطع أن يرفع نظره عن دينا أو يغيره إلى ناحية أخرى بحثا عن ألكس أمله الوحيد... الشخص الوحيد الذي يعلم بأنه لا دخل له فيما حصل و قد كان ضحية عملية إحتيال قام بها صديقه و ورطه فيها... بادرت آليس بالسؤال حول ما يدور بين دينا و روبرت من صمت:
_" ما الذي قلته يا دينا ما الذي تعنينه بسارق الحقيبة؟ "
فنظرت نحوها دينا و هي تحافظ على نبرة صوتها الحادة و أخذت في الشرح:
_" أتذكرين يا أمي عندما أخبرتكم بأن أحدهم سرق حقيبة يدي و لاحقه ألكس و أمسكه إنه هذا الفتى هذا هو اللص و قد قبض عليه ألكس يومها "
إبتسامة ماكرة أطلت بين طيات ملامحها الشريرة الشيطانية... إبتسامة نصر فأخيرا عثرت على ثغرة تستطيع منها النفوذ إلى حياة روبرت و تدميرها و لكي لا يكشف مسعاها غيرت ملامحها إلى الإستغراب لتجاري البقية ثم نظرت إلى روبرت متظاهرة بالصدمة و قالت:
_" هل ما تقوله دينا صحيح يا روبرت؟ "
إبتلع روبرت لسانه و حافظ على صمته هو متأكد من أنه مهما قال و مهما فعل لن يصدقه أحد و لن يجدي الكلام مطلقا مع هؤلاء البشر فكل ما يريدونه هو سقوطه و عدم قدرته على الوقوف مجددا لذا إن حاول تبرير موقفه أو شرح ما حصل فلن يصدقوه مطلقا و يكذبوا إبنتهم... كم من مرة سيصاب بإحراج كهذا الإحراج حتى الخدم قد إجمعوا خلف الأبواب يستمعون لما جاء من دينا من كلام و صمت روبرت إزاءه... فصرخ جوناثان بصوت غاضب على الخدم يأمرهم بالإنصراف:
_" غادروا حالا من هنا و عودوا إلى عملكم و إلا فإنني سأطردكم جميعا "
فظل روبرت محنيا رأسه ينتظر معجزة لتحدث و تخلصه مما هو فيه فسمع صوت جوناثان يأمر أفراد العائلة بمغادرة الغرفة و تركه بمفرده مع روبرت فأطاعوا أمره منتظرين بفارغ الصبر لحظة سماعهم كلمة ((غادر بيتي في الحال و لا تعد مطلقا)) فأغلقت آليس الباب خلفها بعد أن خرجت هي الأخيرة لتتنهد و تقول بينها و بين نفسها و هي تراقب روبرت محني الرأس:
_" و أخيرا سيتحقق ما أردت و دون أن أتدخل حتى... إن الإله يساندني "
ظل روبرت على حاله بل و زاد خوفه لأنه خشي أن يضربه ذلك الرجل القاسي أو يعاقبه على ذنب لم يقترفه حتى لم يعرف كيف يبرر نفسه أراد أن يصرخ بكل ما لديه و يقول:
_" أرجوكم صدقوني لست من سرق تلك الحقيبة اللعينة "
تقدم منه جوناثان خطوة بخطوة ليشعر روبرت بأنه على موعد مع صفعة قوية ستطيحه أرضا... فرفع رأسه مباشرة ليحاول إقناعه حتى و إن شعر بأنه لن يصدقه... و لكن حصل شيء غريب ربما تكون المعجزة التي إنتظرها روبرت صدم بأن رأى جوناثان يضع يديه الكبيرتين على كتفيه الصغيرين فنظر في عينيه لتلتقي نظراتهما... عيناه براقتان متلألئتان و فيهما حنان فياض كنظرات جده تماما شعر للحظات بأنه يقف في حضرته فإغرورقت عيناه بالدموع ليحاصره جوناثان بذراعيه و يشده إليه ليعانقه... فإنفجر ذلك البركان الخامد و أخذ روبرت يبكي بلا توقف بين أحضان جوناثان كأنه كان ينتظر من يعانقه و يأخذ منه بعضا من هموم تلك الحياة ليريحه منها... و حتى جوناثان سعد بذلك كثيرا فقد شعر أخيرا بأنه مقرب لحفيده الصغير هذه المرة أكثر من السابق فقال له:
أنت تقرأ
نوتة الحياة
Short Storyحياة تعب فقر و حرمان ... حياة رفاه غنى و راحة ... حياتان مختلفتان يعيشانها أخوان لم يتقابلا بتاتا إلا عندما قرر شخص ما التكلم أخيرا و الإفصاح عن الأسرار المخفية ... يلتقيان و لكن بدل أن يعيشا برابطة الحب و الأخوة يعيشان حياة عداوة كره و حقد ... فكيف...