صباح جديد حل على تلك المدينة الجميلة... تعالت أصوات الأطفال في شوارعها يلعبون و يمرحون في معاطفهم الثقيلة و أوشحتهم الملتفة حول أعناقهم... يركضون في كل الأرجاء و يحملون حقائب على ظهورهم و بين أيديهم... يذهبون جماعة إلى المدرسة يتحدثون بإستمتاع عن كل ما فعلوه طوال عطلة نهاية الأسبوع... أو يتسابقون من منهم يدخل أولا أسوار المدرسة... هذا هو اليوم الذي إنتظره روبرت بفارغ الصبر فقد طلب منه الإلتحاق بالمدرسة في هذا اليوم رغم أن الطلاب قد بدأوا منذ فترة في الدروس و لكنه سيستطيع تدارك الوضع سريعا... إستفاق باكرا هذا الصباح إستحم و أخذ في إرتداء ثياب المدرسة بحماس شديد... بينما كان يهم بإغلاق أزرار قميصه سمع طرقا على الباب إستغرب فيمن تراه يكون القادم في هذه الساعة... فتقدم من الباب و فتحه و إذ بها آليس بإبتسامتها اللطيفة المصطنعة رغم أن روبرت يراها مثل الملاك أمامه...
_" صباح الخير روبرت هل أنت متحمس لأول أيامك في مدرستك الجديدة؟ "
فظل روبرت صامتا لترسم آليس نظرة حزينة على ملامحها قالت بعدها:
_" هل لا تزال غاضبا مني عما بدر مني ذلك اليوم عندما إختفى العقد الماسي... أنا آسفة فعلا فقد كنت غاضبة جدا و خائفة من أن يكون العقد قد إختفى فكما تعلم هو إرث من جدتي رحمها الله أعطته لوالدتي و والدتي بدورها أعطته لي و ها أنا ذا أعطيته لدينا و لكنها أضاعته و هذا أشعرني بالحزن الشديد "
فرد عليها روبرت بتردد و بعض الحياء:
_" لا الأمر ليس كذلك أنا لست غاضبا من أحد فقد إعتذرت مني دينا و إنتهى الأمر "
فإبتسمت في وجهه و قالت برقة مصطنعة:
_" سعيدة لأنك لم تعد غاضبا مني... و الآن هل تجهز نفسك؟ "
فحدق في قميصه الذي لم ينهي إقفال أزراره و أجابها:
_" في الحقيقة لم أنتهي بعد "
_" دعني أساعدك إذن "
فأمسكته من ذراعه و قادته إلى الكرسي أمام المرآة أجلسته عليه ثم أخذت في تصفيف شعره... و هي تقول:
_" أتذكر أول أيام ألكس في مدرسته الجديدة لقد كنت أنا من ساعده على تصفيف شعره و قد كان يجلس مثلك تماما الآن "
فنظر روبرت إلى نفسه في المرآة... كان جالسا بإستقامة يضع يديه بين ساقيه ببعض الإرتباك... فرسم إبتسامة على شفتيه و واصل تأمل آليس التي كانت تصفف شعره بعناية تامة... حتى إنتهت فوقفت أمامه ثم إنحنت على ركبتيها و أخذت في إغلاق أزرار قميصه العلوية و أضافت ربطة العنق... حدقت فيه بعض الوقت ثم قالت:
_" تبدو وسيما للغاية "
_" شكرا لك سيدة آليس "
فوقفت و وقف هو أيضا عن الكرسي و رفع سترته التي كان عليها شعار المدرسة و إرتداها... فقالت له آليس:
أنت تقرأ
نوتة الحياة
Short Storyحياة تعب فقر و حرمان ... حياة رفاه غنى و راحة ... حياتان مختلفتان يعيشانها أخوان لم يتقابلا بتاتا إلا عندما قرر شخص ما التكلم أخيرا و الإفصاح عن الأسرار المخفية ... يلتقيان و لكن بدل أن يعيشا برابطة الحب و الأخوة يعيشان حياة عداوة كره و حقد ... فكيف...