ليلة باردة مرت على تلك المدينة الصغيرة لتحولها إلى قطعة كريستالية يطغى عليها اللون الأبيض... سدت النوافذ و الأبواب بسبب غزارة ثلوج تلك الليلة و أخذ العمال البسطاء يعملون على تنظيف الشوارع منه ليتلقوا في نهاية اليوم مكافأة على مجهوداتهم الجبارة في ذلك الطقس الذي يصعب على أي كان أن يخرج فيه سوى من تدعوه الحاجة و العوز... كان بطلنا ليلتها قد غفى من شدة تعبه في ساعة مبكرة جدا من ذلك المساء فهو أيضا كان من بين أولائك الذين يخرجون في ذلك الطقس لإغتنام الفرصة و جمع المال من خلال إبعاد الثلوج عن الطرقات , عاد مساءا إلى بيته و قد تجمد جسده من شدة البرد فآوى إلى فراشه باحثا عن الدفء و الراحة ليغفو مباشرة دون أن يتناول طعام العشاء... وقف جده هنيهة أمام باب غرفته الصغيرة البسيطة يراقبه نائما ليتسلل إلى الداخل و يخلع المعطف الذي كان يضعه على كتفيه و يضعه فوق روبرت كي لا يلدغه برد ذلك الطقس... حدق في وجهه البريء الذي لا يستطيع التحديق فيه مليا عندما يكون مستيقظا بسبب شدة خجله من حفيده الصغير الذي أجبره على ترك المدرسة و القيام بالأعمال و هو في سن مبكرة فوضع يديه الخشنتين الكبيرتين على وجه روبرت الصغير البارد ليلاحظ تلك الصورة قرب وسادته فإلتقطها و أخذ يحدق فيها و هو يتذكر إبنته الجميلة لتترقرق الدموع في عينيه فيقول:
_ " عزيزتي مارتا وعدتك بأن أعتني بإبنك و لكن حصل العكس فإبنك هو الذي يعتني بي... لا أنفك أفكر في اليوم الذي سألاقيك فيه يا بنيتي كيف سأستطيع النظر في وجهك ... بالفعل إن الفقر وحش مخيف يأخذ منك كل مأخذ ثم يلقيك بعيدا لا حول لك و لا قوة أخذ مني الفقر صحتي و أنا أخشى بالفعل أن يأخذ من حفيدي الصغير أحلامه فقد صار يعيش فقط لجمع المال لشراء الأدوية لي و أنا صرت أشعر بأنني أصبحت عبئا كبيرا عليه ... آآآه يا صغيرتي مارتا لو أنني فقط لست خائفا من تركه وحيدا في هذا العالم لكنت غادرته منذ زمن بعيد و إرتحت من هذا الشقاء ... الشعور بأنك عبء على أحدهم شعور قاس جدا و قاتل بالنسبة لي "
فغير نظره من والدة روبرت إلى والده ليقول:
_ " و أنت يا أستاذ هيكل منذ دخلت حياة إبنتي تغير كل شيء و إنقلبت رأسا على عقب... صحيح بأنني تمنيت من إبنتي أن تتزوج رجلا غنيا يعتني بها بعد مماتي و لكن لم أتمنى يوما أن يجلب لها هذا الرجل كل هذا الشقاء و المشاكل... وعدتني بأنك سوف تعتني بها و لكن ... "
فتوقف عن الكلام و تنهد ثم أضاف:
_ " لا تجوز على الميت إلا الرحمة ... فليسامحك الله يا هيكل "
فأعاد الصورة بهدوء أسفل وسادة روبرت ثم خرج من الغرفة ليدعه يرتاح قليلا. فإتجه إلى غرفته و وقف عند فراشه ليستعد للنوم إلا أنه شعر فجأة بألم شديد في قلبه فأمسك صدره و سقط أرضا من شدة الألم لتسقط الآونة التي على الطاولة قرب السرير فتتحطم إلى أشلاء... صوتها هذا أيقض روبرت من نومه ليبعد عنه الغطاء بسرعة و يركض نحو غرفة جده بذعر و قلق شديدين فدفع الباب بقوة ليرى جده مرمي على الأرض فأسرع نحوه يهزه و يناديه بقلق:
أنت تقرأ
نوتة الحياة
Cerita Pendekحياة تعب فقر و حرمان ... حياة رفاه غنى و راحة ... حياتان مختلفتان يعيشانها أخوان لم يتقابلا بتاتا إلا عندما قرر شخص ما التكلم أخيرا و الإفصاح عن الأسرار المخفية ... يلتقيان و لكن بدل أن يعيشا برابطة الحب و الأخوة يعيشان حياة عداوة كره و حقد ... فكيف...