الفصل 32

3.6K 293 89
                                    

نيران حارقة أحاطت به من كل جهة لم يستطع الهرب منها... لم يكن هناك مخرج من تلك الغرفة المشتعلة غير الباب الموصد بإحكام و لم يكن فيها غير ذلك الكرسي رفعه بين يديه و ضرب به الباب مرارا و تكرارا حتى أحدث فيه شقا كبيرا لم ينقصه غير ضربة أو إثنتين أخريين و يحطمه و لكن الوقت لم يسعفه فسقط عليه سقف ذلك البيت المحترق و حطم قدميه إلى أشلاء يصعب لمها...

صرخ بفزع قبيل أن يفتح عينيه و يعي بأن كل ما حدث كان مجرد حلم و لم يجد من يمسك يده لحظتها غير ألكس الذي غفى ليلة البارحة بقربه هناك و إستفاق عند سماعه صراخ روبرت...

_"أششش إنه مجرد كابوس لا تخف كل شيء قد إنقضى... إهدأ "

فملئ له ألكس كوبا من الماء ليشربه ثم أعاد رأسه إلى الوسادة لينام من جديد أو هذا ما أوهم به ذلك القلق... تظاهر بأنه قد أغمض عينيه و نام فعاد ألكس للجلوس على الكرسي من جديد حرك شعره إلى الخلف و تنهد بعمق بسبب الذعر الذي شعر به لحظة سماعه الصراخ... أما روبرت فقد عاد و فتح عينيه و هو يحدق في الجهة الأخرى المعاكسة لجهة ألكس و هكذا ظل كلاهما الليل بطوله.

صباحا أتى الطبيب ليفحص روبرت و يطمئن على حاله فبقيا لوحدهما و منع أن يدخل أي أحد آخر... سحب كرسيا و وضعه قرب السرير ليجلس براحته و يحدث روبرت في هدوء بينما يتأكد من سلامة صحته و بينما كان يجس نبضه قال:

_" رغم أن صحتك تبدأ في التحسن إلا أنك بعزلتك هذه تجعلها تتراجع فلما لا تسمح لعائلتك بمساعدتك؟ "

فرد عليه روبرت بعد صمت طويل:

_" عائلتي قد قضت نحبها عندما تجاوزت سنتي الأولى و الوحيد المتبقي منهم في غيبوبة لم يصحو منها للآن "

فأعاد الطبيب أداة جس النبض إلى حقيبته ثم أخرج أخرى لقياس ضغط الدم و هو يقول:

_" حسنا... و من يكون هؤلاء القلقين عليك إذن إن لم يكونوا عائلتك؟ "

فصمت روبرت دون أن يجد جوابا لسؤال الطبيب ذاك... فإبتسم و قال له:

_" هل تعلم بأنك ستستطيع تحريك ساقيك مجددا فقط إن أعطيت نفسك فرصة... أنا أرى بأنك تسلب نفسك كل فرصة في الحياة و تصنع حاجزا بينك و بين العالم الخارجي حالما تعي ذلك ستجد نفسك سجينا داخله... أنا أقول هذا فقط لأنني رأيت حالات أسوء بكثير من حالتك هذه و لكن أصحابها لم يستسلموا كما فعلت أنت بل ناضلوا حتى النهاية "

فأعاد معداته داخل الحقيبة. أغلقها ثم حملها و وقف عن الكرسي متجها إلى الباب و قبل ذلك قال:

_" إن هناك الكثير من الأشخاص من حولك قلقين عليك لست الوحيد الذي يعاني هنا بل هم أيضا برؤيتهم لك على تلك الحالة... "

ففتح الباب و غادر تاركا إياه وحده يفكر فيما قاله له.

إعترضه ألكس حالما خرج من غرفة روبرت ليقول له:

نوتة الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن