نيران حارقة أحاطت به من كل جهة لم يستطع الهرب منها... لم يكن هناك مخرج من تلك الغرفة المشتعلة غير الباب الموصد بإحكام و لم يكن فيها غير ذلك الكرسي رفعه بين يديه و ضرب به الباب مرارا و تكرارا حتى أحدث فيه شقا كبيرا لم ينقصه غير ضربة أو إثنتين أخريين و يحطمه و لكن الوقت لم يسعفه فسقط عليه سقف ذلك البيت المحترق و حطم قدميه إلى أشلاء يصعب لمها...
صرخ بفزع قبيل أن يفتح عينيه و يعي بأن كل ما حدث كان مجرد حلم و لم يجد من يمسك يده لحظتها غير ألكس الذي غفى ليلة البارحة بقربه هناك و إستفاق عند سماعه صراخ روبرت...
_"أششش إنه مجرد كابوس لا تخف كل شيء قد إنقضى... إهدأ "
فملئ له ألكس كوبا من الماء ليشربه ثم أعاد رأسه إلى الوسادة لينام من جديد أو هذا ما أوهم به ذلك القلق... تظاهر بأنه قد أغمض عينيه و نام فعاد ألكس للجلوس على الكرسي من جديد حرك شعره إلى الخلف و تنهد بعمق بسبب الذعر الذي شعر به لحظة سماعه الصراخ... أما روبرت فقد عاد و فتح عينيه و هو يحدق في الجهة الأخرى المعاكسة لجهة ألكس و هكذا ظل كلاهما الليل بطوله.
صباحا أتى الطبيب ليفحص روبرت و يطمئن على حاله فبقيا لوحدهما و منع أن يدخل أي أحد آخر... سحب كرسيا و وضعه قرب السرير ليجلس براحته و يحدث روبرت في هدوء بينما يتأكد من سلامة صحته و بينما كان يجس نبضه قال:
_" رغم أن صحتك تبدأ في التحسن إلا أنك بعزلتك هذه تجعلها تتراجع فلما لا تسمح لعائلتك بمساعدتك؟ "
فرد عليه روبرت بعد صمت طويل:
_" عائلتي قد قضت نحبها عندما تجاوزت سنتي الأولى و الوحيد المتبقي منهم في غيبوبة لم يصحو منها للآن "
فأعاد الطبيب أداة جس النبض إلى حقيبته ثم أخرج أخرى لقياس ضغط الدم و هو يقول:
_" حسنا... و من يكون هؤلاء القلقين عليك إذن إن لم يكونوا عائلتك؟ "
فصمت روبرت دون أن يجد جوابا لسؤال الطبيب ذاك... فإبتسم و قال له:
_" هل تعلم بأنك ستستطيع تحريك ساقيك مجددا فقط إن أعطيت نفسك فرصة... أنا أرى بأنك تسلب نفسك كل فرصة في الحياة و تصنع حاجزا بينك و بين العالم الخارجي حالما تعي ذلك ستجد نفسك سجينا داخله... أنا أقول هذا فقط لأنني رأيت حالات أسوء بكثير من حالتك هذه و لكن أصحابها لم يستسلموا كما فعلت أنت بل ناضلوا حتى النهاية "
فأعاد معداته داخل الحقيبة. أغلقها ثم حملها و وقف عن الكرسي متجها إلى الباب و قبل ذلك قال:
_" إن هناك الكثير من الأشخاص من حولك قلقين عليك لست الوحيد الذي يعاني هنا بل هم أيضا برؤيتهم لك على تلك الحالة... "
ففتح الباب و غادر تاركا إياه وحده يفكر فيما قاله له.
إعترضه ألكس حالما خرج من غرفة روبرت ليقول له:
أنت تقرأ
نوتة الحياة
Storie breviحياة تعب فقر و حرمان ... حياة رفاه غنى و راحة ... حياتان مختلفتان يعيشانها أخوان لم يتقابلا بتاتا إلا عندما قرر شخص ما التكلم أخيرا و الإفصاح عن الأسرار المخفية ... يلتقيان و لكن بدل أن يعيشا برابطة الحب و الأخوة يعيشان حياة عداوة كره و حقد ... فكيف...